بقلم: الدكتور عثمان الطاهات
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ونهاية
الحرب الباردة وما نتج عن غياب منافس قوي وعنيد خلا الجو للولايات المتحدة
الامريكية لتبسط هيمنتها على الشؤون
العالمية وتعلن قيادتها لهذا العالم .
ولم تكد تمر سوى سنوات قليلة حتى وضعت
هذه الزعامة محل تساؤل الكثير من الباحثين والمهتمين حول مدى قدرة هذه الدولة على
الصمود باتجاه تثبت وتدعيم زعامتها امام ظهور مجموعة من التحديات وتصاعد ادوار بعض
القوى الدولية الكبرى .
الظاهر ان هناك امكانات ومقومات فريدة
عسكرية وسياسية وثقافية واقتصادية مدعمة بقدرات تقانية هائلة وكفاءات بشرية مدربة
ومتطورة مستندة الى مؤسسات سياسية وقانونية داخلية قوية وفعالة اضافة الى امكانات
اعلامية واسعة ومؤثرة اجتمعت لدى الولايات المتحدة بصورة استثنائية وهو ما اسهم
بصورة جلية في تثبيت حضورها الدولي الوازن والفاعل واستمرارها بتدبير الشؤون
الدولية في تجلياتها المختلفة .
اسهم الغياب الملحوظ لمنافسين اقوياء
في تعزز قيادة امريكا للنظام الدولي "احادي القطبية" فاليابان التي لم
تستطع التخلص بعد من مشاكلها الاقتصادية والمالية وليس لديها تصورا او استراتيجية
تدعم حضورها كقطب دولي وازن ، اما الاتحاد الاوروبي وعلى الرغم من انجازاته الكبرى
فهو ما زال يعاني بعض المشاكل الداخلية ولم يتمكن بعد من بلورة سياسية خارجية
موحدة ازاء القضايا الدولية، بينما انشغلت روسيا بدروها بالمشاكل التي افرزتها
المرحلة الانتقالية بمختلف مظاهرها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية رغم بعض
التحركات والمواقف المرحلية، اما الصين فقد انشغلت لعقود بقضايا داخلية مختلفة .
خلال السنوات الاخيرة بدأت الولايات
المتحدة تواجهه مجموعة من التحديات فعلى الصعيد الداخلي بدأ الاقتصاد الامريكي
خلال السنوات الاخيرة صعوبات متعددة ابرزها الركود اما على الصعيد الخارجي فقد لوحظ
في السنوات الاخيرة ان هناك سعيا حثيثا لدى بعض الدول لتأكيد حضورها الدولي فالصين
تشهد تطورا اقتصاديا كبيرا من خلال المعدلات
التي تسجلها في ارقام النمو القياسية التي فاقت كل التوقعات، بينما روسيا
تتعافى من مشكلاتها الداخلية وأصبحت تسعى من حين الى اخر الى تأدية ادوار متزايدة
على الصعيدين الاقليمي والدولي .
عاد موضوع مستقبل الزعامة الامريكية
ليطرح على واجهة الاحداث الدولية بقوة في الاونة الاخيرة مع رفع الرئيس الامريكية
دونالد ترامب شعار " امريكا اولا" بعدما رأى ان الحضور الامريكي على
الساحة الدولية اصبح مكلفا وتعتريه الكثير من التحديات .
يشير البعض الى انه ليس من المبالغة
القول ان واشنطن تعيش تخوفا مستمرا من تنامي التنافسية الصينية بل من استئثارها
بوضع القوة العالمية الاولى في الامد القريب .
وبناء على ما سبق تطرح الكثير من
الاسئلة حول معالم النظام الدولي في المستقبل القريب وما اذا كانت الولايات
المتحدة الامريكية ستحافظ على ريادتها للنظام الدولية السائد الان ام انه ستحول
نظام تعددي يفتح معه المجال امام لاعبين دوليين جدد .