بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
اللافت في اداء مجالس النواب تركيزها
على البعد التشريعي على حساب البعد الرقابي . ورغم ذلك فان المواطن لا يكون بصورة
النقاشات والجهود الكبيرة التي تبذلها اللجان النيابية ، التي باتت تشكل مطبخ
التشريع ، وتشهد النقاشات المختلفة المتعلقة بالتشريعات والقوانين وتشبعها بحثا من
خلال اللقاءات النقاشية والحوارية المتعددة التي تعقدها مع الاشخاص والجهات ذات
العلاقة . وذلك بسبب عدم تغطية هذا الدور التشريعي الكبير الذي تقوم به اعلاميا ،
وبالتالي فان من الطبيعي ان يكون الحكم على الاداء النيابي في هذا الجانب التشريعي
مقتصرا على ما يتم عرضه وتداوله من قبل اعضاء المجلس ، والذي بالكاد يذكر اذا ما
قورن بما تقوم به اللجان بوصفها مطبخ التشريع من جهد ونشاط كبيرين . عدا عن العقدة
او النظرة السلبية وما يصاحبها من تعليقات ( ساخرة ) من قبل بعض المواطنين لكل شيء
يتعلق بالتصويت تحت القبة ، خاصة عندما تكون نتيجته بالموافقة . يترافق ذلك مع ما
يمكن ملاحظته من عدم اهتمام ومتابعة من قبل الشارع الاردني للجانب التشريعي على
اهميته اصلا ، وميله أكثر الى ما يتم من نقاشات ومداولات حول قضايا وملفات اخرى
تحت القبة ، وما قد يصاحبها من مناكفات ومشادات وخلافات واشكاليات احيانا . وان
هذه النقاشات غالبا ما تثار بفعل الدور الرقابي الذي يمارسه مجلس النواب من خلال
الادوات الرقابية التي يمتلكها في تعامله مع الحكومة ومتابعته لأدائها واليات
عملها ، كالأسئلة والاستجوابات وطلبات المناقشة والمذكرات المختلفة ( وبند ما
يستجد من اعمال ) وغيرها ، والتي تمثل ضوابط ومعايير من اجل ضبط اداء الحكومة
وتوجيهه الى المسار الصحيح ، بطريقة تجعلها تشعر بانها تحت مجهر رقابة المجلس ،
الذي سيشعر نتيجة لذلك باهتمام القواعد الشعبية ورضاها عن أدائه . الامر الذي
يتطلب من رئاسة المجلس ايلاء الدور الرقابي الكثير من الاهتمام عبر تكثيف الجلسات
الرقابية ومساواتها بالجلسات التشريعية مثلا ، وتفعيل الادوات الرقابية التي تعكس
اهتماما نيابيا بقضايا وطنية مختلفة ، يفترض ان يكون المجلس بصورتها ، وبصورة موقف
الحكومة وسياستها منها وكيفية تعاطيها معها .
مما يتطلب من رئاسة المجلس ايضا ،
مطالبة الحكومة والزامها بالاجابة على الأسئلة النيابية والرد عليها ، وكذلك تحديد
موعد المناقشة في الاستجوابات ضمن الفترة الدستورية المحددة ، وادراجهما على جدول
اعمال الجلسات الرقابية اولا باول دون تأخير او تأجيل حتى لا تفقد تأثيرها
وأهميتها ، والحال ينطبق ايضا على طلبات المناقشة التي تنطوي على طرح قضايا وطنية
للمناقشة والحوار وتبادل الراي مع الحكومة ليطلع المجلس على سياسة الحكومة تجاهها
، والعمل على تخصيص جلسات لها باسرع وقت ، خاصة اذا ما كانت تتعلق باحداث وقضايا
الساعة . كذلك فان الوظيفة الرقابية وتوظيفها بالشكل المطلوب من شأنها الاسهام
باستعادة المجلس لثقة المواطن ، خاصة عند مراقبته ومتابعته لاداء الحكومة وخططها
وسياساتها وبرامجها ، المتعلقة بالمشاريع التنموية والرأسمالية والخدمية المرتبطة
بالبنية التحتية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين في الصحة والتعليم والنقل
والطاقة والحماية الاجتماعية وغيرها . شريطة ان يحرص كل نائب على شمول المنطقة
الانتخابية التي يمثلها بهذه المشاريع والخدمات ، الامر الذي سيكون موضع اهتمام
المواطن الذي سيقابله بالرضا والارتياح ، وبصورة سوف تنعكس ايجابيا على نظرته لهذا
النائب وتقييمه والحكم على أدائه .
ان مثل هذه الاجواء الايجابية المصاحبة
لتفعيل الدور البرلماني الرقابي ، ستجعل الحكومة تحسب حسابا للمجلس عند حضورها
الجلسات الرقابية تحديدا ، بحيث تكون مستعدة لكل الاحتمالات الممكنة التي تمليها
الاجواء الرقابية ، مما سيرفع من سوية اداء مجلس النواب ، ويغير من الانطباع
السلبي المأخوذ عنه من قبل القواعد الشعبية التي تراجعت ثقتها به في السنوات
الاخيرة ، كما تعكس ذلك نسبة الاقبال الضعيفة على المشاركة في الانتخابات النيابية
. فاذا ما اراد المجلس تحسين صورته واستعادة ثقة المواطن وتعزيز حضوره كمؤسسة
دستورية وطنية لها كيانها ومكانتها في النظام السياسي الاردني ، فعليه تفعيل دوره
الرقابي بعيدا عن توظيف ادواته الرقابية في المناكفات والابتزازات والاستفزازات
لتحقيق مصالح ضيقة واجندات خاصة .