أصبح الإرهاب الإلكتروني هاجسا يخيف العالم الذي
أصبح عرضة لهجمات الإرهابيين عبر الإنترنت الذين يمارسون نشاطهم التخريبي من أي
مكان في العالم، والذي يمثل تهديدا على المصالح الاستراتيجية والحيوية، إذ يمكن أن
تتسبب هجمات إلكترونية إرهابية في خسائر فادحة حيث يمكنها إعاقة حركة الملاحة
البحرية والجوية وتعطيل الاتصالات الدولية والإضرار بالمؤسسات المصرفية.
المخاطر تتفاقم بمرور كل يوم، لأن
التقنية الحديثة وحدها غير قادرة على حماية الناس من العمليات الإرهابية
الإلكترونية والتي سببت أضرارًا جسيمة على الأفراد والمنظمات والدول، إذ إن
المواقع الإلكترونية المشبوهة أو "الإرهابية الهدف" في ازدياد مضطرد منذ
العام 2001، والتي فاقت أعدادها 17 ألف موقع إلكتروني، فقد هيمن الذعر على
المختصين بمكافحة "الإرهاب الإلكتروني" حين تمكن أحد القراصنة من
السيطرة على نظام الكمبيوتر في مطار أمريكي صغير، وأطفأ مصابيح إضاءة ممرات
الهبوط، ما هدد بحصول كارثة، وتعززت المخاوف حين زادت التهديدات بالهجمات ذات
الدوافع السياسية، الذي تبنته جماعات عدة بغرض ضرب مصالح إلكترونية لدول مثل
الولايات المتحدة، وإسرائيل، وبريطانيا، وغيرها.
ولم يقتصر الأمر على هذه الدول فقط؛ إذ
بدا أن حجم التهديدات الإرهابية الإلكترونية يتزايد تلقائياً مع كل توسع وانتشار
في استخدام تكنولوجيا المعلومات في مناطق العالم المختلفة، كما يبدو أن ممارسة
أنشطة "الإرهاب الإلكتروني" لا تقتصر على إقليم محدد كما لا تستهدف
دولاً معينة.
إن خطورة الإرهاب الإلكتروني تزداد في
الدول المتقدمة والتي تدار بنيتها التحتية بالحواسب الآلية والشبكات المعلوماتية،
مما يجعلها هدفاً سهل المنال، فبدلاً من استخدام المتفجرات تستطيع الجماعات
والمنظمات الإرهابية من خلال الضغط على لوحة المفاتيح تدمير البنية المعلوماتية،
وتحقيق آثار تدميرية تفوق مثيلتها المستخدم فيها المتفجرات، حيث يمكن شن هجوم
إرهابي مدمر لإغلاق المواقع الحيوية وإلحاق الشلل بأنظمة القيادة والسيطرة
والاتصالات، أو تعطيل أنظمة الدفاع الجوي، أو إخراج الصواريخ عن مسارها، أو التحكم
في خطوط الملاحة الجوية والبرية والبحرية، أو اختراق النظام المصرفي وإلحاق الضرر
بأعمال البنوك وأسواق المال العالمية.
تتركز المخاوف من هجمات "الإرهاب
الإلكتروني" في عدد من السيناريوهات منها: تطوير فيروس يمّكن من السيطرة على
أجهزة الهواتف في مجتمع ما، وجعلها تتصل كلها في وقت واحد برقم الطوارئ لشل عمل
خدمة الطوارئ. وتزيد فداحة الخسائر في حال ترافق مع هذا الشلل تفجير قنبلة في سوق
أو مبنى. كما يمكن توليد برنامج يمّكن من قطع التيار الكهربائي لفترة طويلة، أو
السيطرة على نظام المراقبة الجوية وتوجيه الطائرات في أحد المطارات، بحيث تتصادم وتتحطم
دون الحاجة إلى إرهابيين على متنها.
يعترف الخبراء الأمنيون المتخصصون
بمكافحة الجرائم الإلكترونية بأن "الهجمات التي شنت حتى الآن غير معقدة إلى
حد ما، غير أن ما تظهره عمليات المحاكاة من احتمالات شن هجمات أكثر اتساعاً
وتنظيماً أمر يدعو للخوف ".
يعتقد المتخصصون في مجالات مكافحة
الإرهاب أن الخسائر الناجمة عن العمليات العديدة التي يشهدها العالم يومياً في
إطار ما يعرف بـ "الإرهاب الإلكتروني"، تعد "هامشية وضئيلة
جداً"، إذا ما قورنت بما يمكن أن يحدثه هجوم إرهابي إلكتروني على نطاق واسع
ومخطط جيداً.
تأسيساً على ما سبق يمكننا القول بأن
الإرهاب الإلكتروني يرتبط بالتطورات التي
تحدث في مجتمع المعلومات، فهو يزداد خطورةً وفتكاً كلما زاد التقدم في المجال
المعلوماتي، فالاكتشاف والتطور والبناء حتماً يقابله التجسس والتخلف والهدم، فالدمار
الذي قد ُيلحقه الهجوم الإرهابي بأنظمة المعلومات التي تتحكم في كل مرافق الحياة
في هذه المجتمعات التي تعتمد على الكمبيوتر والإنترنت اعتماداً مطلقاً قد يعطل
حياة مجتمع بأكملها، والخسائر التي قد تنجم عن مثل هذا الهجوم هي أكبر بكثير مما
قد يتصوره العقل إذا لم يدرس ويخطط لوقوعه.
ومما لا شك فيه أن الإرهاب الإلكتروني
هو إرهاب الغد، نظراً لتوسع وتنوع أهدافه وتنوع المجالات المستهدفة من قبلهم والتي
يمكن الاعتداء عليها مع توفير قدر كبير من السلامة للمعتدي وصرف جهد قليل وعدم
التعرض لخطر اكتشاف هويته إلا بعد عناء ووقت طويل في البحث والتقصي.