بوابة
ما من شك بان الرئيس الاميركي المنتخب
جو بايدن ، سيستغرق وقتا في التعاطي مع تركة الرئيس دونالد ترمب الصعبة والمعقدة
والانشغال بها مطولا ، للعمل على تصويب السياسة الاميركية داخليا وخارجيا بعد
خروجها عن المسار الصحيح بشكل غير معهود في تاريخ الادارات الاميركية ربما .. ولأن
الاولوية على اجندات الادارة الجديدة ستكون للملفات الداخلية بالضرورة ، فان هذا
سيكون على حساب الملفات الخارجية التي تركت تداعياتها السلبية على سمعة اميركا
ومكانتها بصورة اضرت كثيرا في قيادتها للمنظومة الدولية ، عندما لم تحترم ادارة
الرئيس ترمب الادوات والقواعد التي تضبط حركتها بما يعزز الامن والسلم الدوليين ،
عندما انسحبت من بعض الاتفاقيات والمنظمات الدولية وضربت بعرض الحائط قرارات
الشرعية الدولية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والقدس وهضبة الجولان ، مما بعث
باشارات سلبية واحيانا خطيرة الى اطراف دولية فاعلة عن حجم الضرر والاساءة والفوضى
التي يمكن ان يلحقها ترمب بهذه المنظومة ، لدرجة انه لم يراعي تاريخ علاقات بلادة
القوية والمميزة مع الحلفاء التقليديين في اوروبا واسيا والمنطقة عندما تعاطى مع
الاسس التي قامت عليها هذه العلاقات بعقلية التاجر الذي اخضعها للغة الصفقات
التجارية ، مع انها نشأت اصلا على قاعدة المصالح المشتركة ، التي كانت تميل اكثر لخدمة
مصالح اميركا في منافستها على الزعامة العالمية .. وقد تمثلت المفاجأة بمطالب ترمب
للحلفاء في اوروبا ( حلف الناتو ) والمنطقة ( الدول العربية والخليجية تحديدا )
واسيا ( اليابان وكوريا الجنوبية ) بدفع الاموال مقابل الاستمرار في تأمينهم
وشمولهم بالمظلة الامنية الاميركية ..
واذا ما اضفنا الى ذلك وجود قضايا
واجندات عالقة في المنطقة تحديدا بابعاد امنية وانسانية وحقوقية وديمقراطية قد
يختلف التعاطي معها بين الرئيسين ترمب وبايدن ، الذي هدد وتوعد على اثرها بعض دول
المنطقةً ، فان الواقع الذي فرضه ترمب داخليا وخارجيا ، قد يجبر بايدن الى اللجوء
الى التهدئة والدبلوماسية حتى لا يتسبب بتثوير الاجواء ويدفع بعلاقات بلاده مع هذه
الدول نحو التوتر والتعقيد في الوقت الذي احوج ما يكون فيه الى الدفع بها نحو
الهدوء ، والتعامل معها بحذر ودبلوماسية حتى لا تتطور وتخرج عن السيطرة الاميركية
، بطريقة قد تتيح المجال لتدخل اطراف دولية اخرى وبترتيب مع دول المنطقة بشكل قد
يؤثر في طبيعة العلاقات والتحالفات والمحاور الاقليمية والدولية وعلى حساب
الولايات المتحدة تحديدا ، التي ستكون مشغولة بازماتها ومشكلاتها الداخلية التي
تسبب بها الرئيس ترمب من حيث الانقسام الداخلي والاساءة الى المؤسسات الامنية
والبرلمانية والاعلامية والقضائية الاميركية والفوضى والاضطرابات التي رافقت موجة
العنصرية التي سادت البلاد على خلفية مقتل المواطن الاميركي من اصل افريقي جورج
فلويد على يد رجل شرطة ابيض .. دون ان نغفل المشكلة الكبرى التي لم يحسن الرئيس
ترمب التعامل معها بمسؤولية ، وافتقاره
للخطط الكفيلة بمعالجتها ، ممثلة بفيروس كورونا وما ترتب عليها من تداعيات سلبية
على الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية من تراجع نسبة النمو
وفقدان وظائف وبطالة وغيرها .
الامر الذي استغله بايدن في الحملة
الانتخابية الرئاسية بطريقة اسهمت بفوزه بها وتبرير احتلالها الاولوية على اجنداته
الداخلية كرئيس للولايات المتحدة . اضافة
الى التحدي الاخر ممثلا بمعالجة الامور
الداخلية في بلاده بعد الاجواء السلبية التي سادتها نتيجة سياسات الرئيس ترمب ،
وهي من المسائل التي ستشغله كثيرا لحاجتها الى الوقت وعلى حساب مسائل وقضايا
خارجية .