نعتقد أن المرحلة الأولى من إدارة
الأزمة إعلاميا " مرحلة ما قبل الانفجار " هي مرحلة تأسيسية بالغة
الأهمية ، نرى انه من الضروري أن تسعى القيادات الإعلامية إلى تحقيق ثلاث مهام
رئيسية.
اول هذه المهام إشباع رغبات الجمهور
بالمعلومات فكما نعلم بإن الأزمات تختلف وتتباين ولكن بالرغم من هذا التعدد
والتباين فإن المدخل الاساسي لقراءة الأزمة هو المبدأ الذي ينص على حقيقة أن الأزمات لسيت وليدة ذاتها ولكنها وليدة
مجموعة من العوامل والدوافع والأسباب .
لذلك فان المهمة الاولى للإدارة الأزمة
إعلاميا في مرحلة ما قبل انفجارها هي تقديم حجم معرفي شامل ومتنوع ، يغطي الجوانب المختلفة للأزمة
حتى يتمكن المتلقي " القارئ والمستمع والمشاهد " من أن يقف على أرض صلبة
من المعلومات الغنية والمتنوعة المصادر التي تتيح له أن يمتلك المعرفة الكافية
المتعلقة بجوانب الأزمة وعناصرها وأسبابها وأطرافها، وأن التغطية الإخبارية
الوصفية والسردية والانفعالية والتوجيهية والتي لا ترى سوى صورتها ولا تسمح سوى
لصوتها بالظهور ليست هي التغطية الإخبارية المناسبة والمطلوبة في تلك المرحلة من
الأزمة .
اما المهمة الثانية للإعلام في مرحلة
ما قبل انفجار الأزمة فهي اتباعه النزعة التحليلية والنقدية والتثقيفية لان الأزمة
ليست مجموعة أحداث منعزلة تجري عملية تغطيتها إخباريا، أنها تركيب مقعد ومتشابك
ويضم جوانب وأبعاد متعددة وهي لا تحدث في فراغ بل هي بنت مجتمعها وعصرها ونتاج
ظروفها بمعنى أنها تحدث ضمن سياق معين.
اذا كان الطابع الإخباري "
الانبائي – المعلوماتي " هو السائد في المهمة الأولى ذات السمة التعريفية
بالأزمة فإن الطابع التثقيفي – التحليلي – الفكري – النقدي- التفسيري هو السائد في
المهمة الثانية كل ذلك لشحن التغطية بمضمون يثري معرفة المواطن بالأزمة ويعمق فهمه
لها ويحشد حول هذه التغطية قوى وشرائح واسعة ومهتمة ومعنية بالابعاد المختلفة
للأزمة لان من شأن ذلك ليس فقط ان يجعل المواطن مطلعا على أخبار الأزمة، ومدركا
وفاهما ومستوعبا لابعادها وأسبابها وتاريخها وعواملها بل ومحصنا ايضا " وهذه
مسألة مهمة جدا في المراحل التالية من تطور الأزمة وما تتميز به من شن حملات دعاية
مضادة " ضد تأثير اي خطاب اعلامي مختلف وذلك لانه أصبح يقف على أرض صلبة
بناها بنفسه ولنفسه من خلال المعلومات الصحيحة والتحليل السليم .
المهمة الثالثة للإعلام في مرحلة ما
قبل انفجار الأزمة فتتمثل بالبعد اللغوي للأزمة حرب المصطلحات حيث تشمل عملية
التأسيس لإدارة الأزمة إعلاميا ليس فقط الحسم المعلوماتي والفكري بل ايضا حسم
البعد اللغوي للأزمة ويجب أن يكون واضحا ان اللغة ليست محايدة وأن الكلمات عبارة
عن اوعية للمعاني وان للكلمة دلالات اتصالية مختلفة " " لنتذكر جيدا
الاسماء التي أطلقتها اسرائيل على حروبها ضد العرب : حرب التحرير ، حرب الايام
الستة ، حرب يوم الغفران "
لذلك يصحاب كل أزمة صراع حول نوعية
المصطلحات المستخدمة او حول المضمون الذي يحتويه المصطلح الواحد لذلك من الضروري
ان تحسم المؤسسات الإعلامية أمرها وان تحدد مصطلحاتها " السياسية والصحية
والاقتصادية .. الخ " وأن تعمم هذه المصطلحات وان تشرف القيادات الإعلامية
على استخدامها في وسائل والاعلام كافة.
وبناء على ما سبق ادعو المؤسسات
الإعلامية الأردنية إلى تنفيذ المهام التي تم شرحها سابقا في هذه المرحلة الصعبة
التي تمر بها المملكة والمتمثلة بإنتشار جائحة كورونا لان هذه الأزمة ربما لا سمح
الله قد ينتج عنها في مرحلة لاحقة أزمات متداخلة ومترابطة خصوصا على الصعيد الصحي
والاجتماعي والاقتصادي، ما ينعكس ايجابا على زيادة وعي المجتمع الأردن في مواجهة
هذه الجائحة والانتصار عليها ان شاء الله في المستقبل القريب .