حلمي الأسمر
أقر مجلس الوزراء في إسرائيل أخيرا مشروع قانون عرف بقانون التسوية، بعد قانون المؤذن، وهما مشروعا قانون يحتاجان لتصويت البرلمان «الكنيست» ليصبحا قانونين، وكلاهما ينبعان من بئر واحدة، ويؤشران على نشوة صهيونية بفوز ترامب، قانون التسوية، الذي بادر إليه حزب «البيت اليهودي» اليميني المتطرف، يهدف إلى منع إخلاء مستوطنة «عمونا»، بموجب أمر من المحكمة العليا في إسرائيل، بعد أن اتضح أن المستوطنة بُنيت على أراض فلسطينية بملكية خاصة. وينص القانون على أن المستوطنات التي تواجه دعوات قضائية ببناء على أراض خاصة، وتم بناؤها بعون من الحكومة الإسرائيلية، لن يتم إخلاؤها، إنما سيتم تسوية الخلاف مع المشتكي، أي تقديم تعويض مالي «جبري» لصاحب الأرض الفلسطيني!
تقع مستوطنة عمونا التي يقيم فيها ما بين 200 و300 مستوطن يهودي، شمال شرق رام الله وهي مستوطنة غير قانونية ليس فقط بموجب القانون الدولي بل أيضاً وفق القانون الإسرائيلي نفسه، القضية برمتها تكتنفها غلالة من التضليل، كما يقول وديع عواودة في «القدس العربي» وكأن هناك استيطانا شرعيا واستيطانا غير شرعي مع العلم أنه سطو مسلح في كلا الحالتين. ربما هناك فارق واحد أن الأول يتم في النهار والثاني تحت غطاء عتمة الليل أو هو الفارق بين السطو المسلح دفعة واحدة وبين سطو بالتقسيط. وتنتشر في الضفة الغربية اليوم نحو 131 مستوطنة رسمية أقامتها حكومة الاحتلال و97 مستوطنة غير قانونية (نقاط عشوائية دون موافقة الحكومة) يسكن فيها نحو نصف مليون مستوطن(200 ألف منهم في القدس الشرقية وضواحيها) هم 4 % من الإسرائيليين ويشكلون 13% من مجمل سكان الضفة الغربية. وتدلل المعطيات أن حكومة إسرائيل غضت الطرف عن مستوطنات كثيرة مثيلا لعمونا وتم خلع ثوب الشرعية عليها لاحقا عملا بسياسية فرض الحقيقة على الأرض منذ 1967. وقبل أيام تم تمرير قانون تشريع البؤرة الاستيطانية، «قانون التسوية» الذي يأتي لتشريع سلب الأراضي الفلسطينية القائمة عليها هذه البؤر وليس في عمونا فحسب استنادا لهذه السابقة التي اعتبرها حتى الوزير السابق عضو الكنيست عن الليكود بيني بيغن سلبا للأرض الفلسطينية الخاصة!
ويظهر في صيغ القانون أنه يسري بشكل تراجعي، على البؤر غير القانونية القائمة، مثل عمونا، التي قررت المحكمة العليا إخلاءها حتى الشهر المقبل.
الجانب الأكثر أهمية، في تلك القضية أن ألف باء النظام الديمقراطي في العالم كله، ينص على الفصل بين السلطات الثلاث، واحترام بعضها البعض، وها هي السلطة التنفيذية في إسرائيل، التي تدعي أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة/ تسن قانونا لا يتدخل فقط في صلاحيات السلطة القضائية، بل تبطل قراراتها، وهي سابقة تؤشر –مع جملة من المؤشرات- على أن الكيان الاستيطاني سائر في طريق الانتحار الذاتي، شأنه شأن كل الدول الاستعمارية الطارئة!
عن الدستور