هناك اصناف من الانانية لعل البعض لاحظ ام لم يلاحظ بشرا يمارسون صنفا من الانانية تسمى "الانانية الشخصية"، يسعى فيها اصحاب هذا الصنف الى البحث عن طرق ووسائل لاقتناص ما يرغبون به مهما كانت الوسيلة، لا يعبئون بمن حولهم سواء في البيت او العمل او حتى في الدراسة، مما يثير حفيظة اقرب المقربين لهم، قد يلجؤون في بعض الاحيان الى حبك تمثيلية الهدف منها الوصول الى ماربهم، وقد يستغرق ذلك فترة طويلة يكون فيها جل همهم استمرارية تلك التمثيلية، استغلالا لمشاعر وعواطف وجيوب الاخرين، ضاربين على وتر ظروفا خاصة يعيشونها كمرض يصطنعونه استدرارا للشفقة، في دواخلهم يدركون مدى الضرر الذي قد يلحقونه بالاخرين، لكن هذا بالطبع لا يحرك فيهم ذرة من ضمير او ساعة ندم، فاذا ما واجههم الاخرون بحقيقتهم، انقلبوا راسا على عقب واصبحوا اعداء يضمرون الشر لمن اسدى لهم المعروف زمنا طويلا، فهؤلاء لا شفاء لهم من المرض الذي اصاب قلوبهم قبل عقولهم، الا بصحوة ضمير والتي هي بمثابة المعجزة لامثالهم.
اما الصنف الثاني من الانانية فهي "الانانية العلمية"، فكثير هم الذين ينجحون في حياتهم ويرتقون المناصب العليا، واذا ما سئلوا عن سر ذلك يصمتون فجاة فينفخون اوداجهم كبرا واستعلاءا راجعين السبب الى ذكائهم المتفرد وفطنتهم التي لا يضاهيهم عليها احد، وللاسف هناك متفوقون في دراستهم تراهم اكثر الناس انانية، لا يبادرون لمساعدة زملائهم في الدراسة او العمل ويعطونهم المعلومة الصحيحة، وشرح مالتبس عليهم من مسالة او درس، ويتصاعد الامر الى بعض العلماء الذين يبخلون في اعطاء العلم الصحيح لمن يطلبه من نظراء لهم او طلاب علم، بل يضنون على البشر بما وهبهم الله به من رجاحة عقل ونفاذ بصيرة، يوظفون علمهم الواسع في ايذاء الناس، او الانعزال والامتناع عن المشاركة في اي موقف يحتاج فيه اولئك الناس بما ينفعهم في حياتهم ويريح قلوبهم ويشفي غليلهم.
فكم من عالم اناني وضع علمه داخل صندوق واقفل عليه، مخافة ان يطلع عليه احد، او ان ينتشر ويحصل الناس على المنفعة المرجوة منه، فيفضل مبدا المقايضة العلم مقابل المال والمنصب الرفيع، وهو يعلم ان علمه قد ينقذ الاخرين مصائب كثيرة وكوارث مدمرة!! فيبقى علمه لنفسه فقط، ولا يسر به لاحد حتى لاقرب المقربين له.
فمن كتم علما سياتي عليه يوم، يعض اصابعه ندما على فعلته، فالعلم كان دوما هو حبل نجاة البشرية من شرور محدقة، فالعالم الصالح لا يكتم علما او معلومة وهبها الله له، كي يحظى بالرضا والسعادة طيلة حياته.