ان الاوضاع العالمية تزداد تازما وتوترا مع تصاعد حدة النزاعات العرقية والطائفية في دول عديدة من العالم، وقد بات السلم العالمي وبخاصة في منطقة الشرق الاوسط عقب اغتيال سليماني في تهديد واضح وخطير، وبعد قصف مقاتلات امريكية لسيارة تقله ومجموعة من رفاقه وابو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي، حيث تصاعدت لهجة التهديد الايرانية لضرب مصالح الولايات المتحدة في كل مكان، وعلى لسان قائد فيلق القدس، بالقول على الامريكيين ان ينتظروا وصول نعوش جنودهم.
ولم تتاخر ايران عن الرد، فقد تم قصف القاعدة الامريكية في عين الاسد واربيل بالعراق فجر اليوم، اما بالنسبة للجانب الامريكي فقد رد الرئيس ترمب بتغريدة قال فيها انه يتم الان تقييم الخسائر انتظارا للرد المناسب، وفي تغريدة سابقة له هدد الرئيس ترمب بضرب ٥٢ موقعا ايرانيا عينتهم القوات الامريكية لاستهدافها في حال تجرات ايران وضربت القواعد الامريكية او استهدفت اي من مواطنيها، وها هي نفذت وعيدها ايران وضربت القاعدة الامريكية في العراق، فكيف سيكون الرد الامريكي؟ وهل سيفتح باب الرد بالمقابل؟ وتتحول المنطقة الى ساحة تصفية للحسابات؟
وعلى الصعيد العالمي فقد اعربت المانيا عن قلقها للاوضاع المتازمة في الشرق الاوسط، وصرحت ميركل عن نيتها ايفاد وزير الخارجية هايكو ماس للمنطقة، واستطلاع الاوضاع فيها وبحث سبل التهدئة، في حين دعى الاتحاد الاوروبي الى التخفيف من حدة التصعيد بين الطرفين، كما وعرض على وزير الخارجية الايراني زيارة بروكسل للتباحث في مسالة الرد الايراني، بالتزامن مع عزم وزير الخارجية الياباني القيام بزيارة الى منطقة الشرق الاوسط، في محاولات لراب الصدع من جراء الازمة التي حدثت عقب اغتيال سليماني.
وفي الجانب الامريكي انتقد الديمقراطيون وعلى لسان زعيمتهم نانسي بيلوسي ورئيسة الكونغرس، الخطوة التي قام بها الرئيس ترمب مشككة في الوقت نفسه عن نوايا ترمب من وراء تصفية سليماني، وان الهدف الحقيقي هو هدف انتخابي بحت، في حين ايد مجلس الشيوخ الامريكي لتلك الخطوة والتي واعتبروا فيها ان سليماني متورط في قتل متعهد امريكي والقيام بالتحريض على الهجوم على السفارة الامريكية بغداد.
ان السؤال الذي يتبادر الى الاذهان: الى اين سيؤول مستقبل السلام في منطقة الشرق الاوسط؟ في خضم تعالي الاصوات من الجانب الايراني ومؤيديها في المنطقة الى الرد الحاسم والقوي على الولايات المتحدة، والتي ستؤدي وبشكل اكيد الى رد امريكي مباشر، ربما يشعل حربا غير محسوبة النتائج، وما الجهود الدولية التي تقاطرت من كل الاطراف الدولية الى المنطقة، تصب في ضرورة تحكيم العقل والمنطق، وعدم الانجرار الى مستنقع الحرب والتي ستكون عواقبها وخيمة على المنطقة وعلى العالم باسره.
ختاما: اذا ما قامت ايران بالرد على الولايات المتحدة وبصورة متواصلة، فان المنطقة ينتظرها صراعا شرسا لا يمكن تحمل عواقبه من قبل دول المنطقة، ومع التقليل من نية امريكا وايران للدخول في حرب، والتي من المتوقع ان تؤدي الى انسحاب الولايات المتحدة من العراق بشكل جزئي بالنسبة لبعض المحللين، او ربما سيكون الرد محدودا لا يثير حفيظة الولايات المتحدة للرد في المقابل.... عموما ستنجلي الامور وتتضح بخاصة بعد انتهاء ايران من مراسيم دفن جثمان سليماني، والايام ستبين نوايا امريكا وايران الحقيقية.