للحضارة الاسلامية دور لا يمكن التغاضي عنه في نهوض اوروبا، فالكثير من العلوم والفنون والتطور العمراني بالاضافة الى العديد من صنوف العلم والفكر والثقافة العربية ساعدت اوروبا على بناء حضارتها، ففي كتاب صدر مؤخرا في اسبانيا بعنوان "الاسلام ارث للجميع"، قدم فيه المؤلف شروحات وافية عن الحضارة الاسلامية وبخاصة في دولة الاندلس، حيث بين الكتاب كيف ان الغرب نهل من تلك الحضارة واعتمد عليها في تاسيس تطوره وتقدمه العلمي والفكري.
يتحدث كتاب "الاسلام ارث للجميع" عن الاسلام في اسبانيا، حيث سلط الضوء على التراث الاسلامي الموجود فيها، عندما كانت خاضعة للحكم الاسلامي مدة ثمانية قرون، ويؤكد ان هذه الفترة حافلة بمظاهر التقدم والتنمية بشكل فاقت فيه اسبانيا اوروبا كلها انذاك (١). وقد اوضح الكتاب بشكل جلي دور المسلمين في تعرف الغرب على علوم الطب والفلك والهندسة والرياضيات، فلا غرابة بروز اعمال ثقافية وكتاب ومفكرين غربيين، يعترفون بفضل الحضارة الاسلامية في النقلة النوعية التي احدثتها في اوروبا ونهضتها التي استلهمت معظم اصولها من الحضارة الاسلامية وعلمائها ومفكريها وادبائها.
وكاتب بلجيكي انبرى لينصف العرب والمسلمين، ففي كتابه "كتاب رسوم عربي صغير" والذي ارجع فيه الى ان قيام الحضارة الغربية يعود الفضل فيه للمسلمين، ليضع اصبعه على الجرح العميق، ويذكر اوروبا ان حضارتها ما كان لها ان تقوم لولا ذلك الموروث العلمي الزاخر من مخطوطات وكتب وموسوعات احتوت شتى صنوف العلم والادب، قامت على جهد وتعب وعرق علماء مسلمين اسرجوا القناديل واناروا الشموع طوال الليل حتى يتموا اعمالا اضاءت للبشرية دربها، فالكاتب البلجيكي لوكاس كاترين اظهر الصورة النمطية التي ارادت اوروبا ان تبرزها عن الانسان المسلم، باعتباره انسان جاهل يعشق القتل وزير نساء، اوضح فيه كاترين ان هذه الصورة النمطية، انما تنم عن كم الزيف والكراهية التي تحملها اوروبا انذاك للحضارة الاسلامية، والتي كانت من المبررات الواهية التي استخدمتها الكنيسة لشن حملة تحريض على العالم الاسلامي ابان الحروب الصليبية.
ان للحضارة الاسلامية دور لا يستطيع انكاره احد في نشاة الحضارة الغربية، وقليل من المستشرقين ممن انصف المسلمين وتحدث عن ماثرهم العظيمة في ارساء دعائم النهضة الاوروبية وتطورها، فكتاب "الاسلام ارث للجميع" وكتاب "رسوم عربي صغير" جاء لينصف الحضارة الاسلامية من جديد، ويعترف بجميلها الكبير على الحضارة الغربية.
(١).مجلة فكر الثقافية