شكلت فرنسا وبريطانيا والمانيا الية
لمقايضة تجارية مع ايران، وذلك للالتفاف على العقوبات الامريكية المفروضة على
ايران، فالسؤال الذي يتبادر الى الاذهان: كيف تجرات هذه الدول على القيام بهذه
الخطوة؟ فهل ستصمت الولايات المتحدة على خطوة قد تعتبر خطوة في طريق تحدي سياساتها
ضد دول معينة في المنطقة من ضمنها ايران؟ خاصة بعد انضمام دولا لمنظومة انستكس
كالنرويج والدنمارك وفنلندا وهولندا والسويد، اذا اريد ان يفهم فهو يمكن ان يوضع
في سياق تحدي اوروبا للولايات المتحدة
ورفضها الاجراءات التي تقوم بها، كفرض عقوبات على اقتصاد ايران ودولا اخرى كروسيا
وفنزويلا.
فالية انستكس انما هي بمثابة صفعة
اوروبية في وجه امريكا، الغاية منها تغيير اللعبة لصالحها، وفرض اجندتها مقابل
الاجندة الامريكية المهيمنة في المنطقة والعالم، فالظاهر ان اوروبا عزمت على تغيير
سياستها في العالم والابتعاد عن السير في ركاب امريكا، وتصميم سياسات خاصة بها،
فالصراع الاوروبي والامريكي قد اصبح يظهر على العلن بصورة اكبر، يلاحظ لكل مطلع
على العلاقات بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية، فهل ستكون انستكس
شرارة اشتعال الخلاف بين دول اوروبا وامريكا؟ وتعمق الهوة بين دول الاستعمار
القديم ودولة الاستعمار الحديث؟
ربما هذه ليست المرة الاولى التي يحدث
فيها تصادم بين مصالح الولايات المتحدة ومصالح اوروبا، فبعد ان انسحبت الولايات
المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع ايران، اعلنت اوروبا التزامها ببنود الاتفاق
النووي، لتوجه ضربة اخرى لسياسات امريكا الخارجية في التعامل مع دول توصمها بانها
راعية للارهاب، لم تتسرع اوروبا للاعلان عن معادتها لايران، بل التزمت التهديد ذو
الوجه الناعمة، او التحذير من الانجراف لحرب طويلة لا يعرف نتائجها على المنطقة
وعلى العالم باسره.
ولا يمكن في هذا الصدد الاغفال عن
الخلافات القائمة بين دول حلف الناتو نفسها، لا سيما الخلاف الدائر بين فرنسا من
جهة والولايات المتحدة وتركيا من جهة اخرى، وبين فرنسا والمانيا وبريطانيا من جهة
والولايات المتحدة من جهة اخرى، فالسؤال الذي يتناهى الى الاذهان هل سيستمر حلف
الناتو في ان يكون المظلة التي تجمع دول الحلف الاطلسي في ظل العثرات الكثيرة التي
تواجهها، وما زاد الطين بله تشكيل منظومة جديدة، لتضيف تحديا اخر تواجهه الولايات
المتحدة، فلا يعلم احد ما الذي سيحمله المستقبل من توترات وازمات جديدة لا يحسب
عواقبها.