يركض الانسان في هذه الحياة ليأمن لقمة عيشه ويمهد الطريق لابنائه ويؤسس لمستقبلهم، يسعى ويعمل وقد يغفل عن اولئك الذين ربما لا يستطيعون ان يتناولوا الا وجبة واحدة في يومهم، وقد تمر عليهم اياما ربما اشهر يعانون مرارة الفقر والعوز، فهؤلاء يعيشون في احلام الحصول على بيت يصونهم من حر الصيف وبرد الشتاء، فمسكنهم اشبه بالعيش في العراء.
لقد تحولت العديد من الاسر الفقيرة الى حالة من الصمت والسكون، واثروا هذا الطريق لانهم اناس عفيفي النفس وكرامتهم تابى عليهم ان يطلبوا شيئا من البشر، يكافحون في حياتهم ويعملون ولا يقصرون، لكن رزقتهم قليلة هكذا قدر الله لهم، حتى يمتحن ميسوري الحال، هل يعطون هؤلاء المحتاجين ويتفقدون احوالهم ام لا!! فالغني لا يحتاج ان يعرف هل هناك فقير ام لا، عليه ان يبحث عن هؤلاء الذين تعف السنتهم عن طلب الحاجة، ومعدنهم الاصيل الذي لم يتلوث بمفاتن الدنيا، فلم يلجأوا الى التسول ورفع ايديهم لطلب المال.
فما اكثر الفقراء في هذا الزمان لا تدري هل هم جوعى ام مرضى، لا يستطيعون جلب طعام لابنائهم كي يسد رمقهم ولا يمتلكون المال الكافي لعلاج مرضاهم، وما اكثر اولئك الذين يتخمون من الاكل فيصابون بالتخمة.
فالفقير هو فقير المال لكنه في احيان كثيرة غني النفس والاخلاق، عندما نتحدث اليه نتصور انه في هناءة من العيش، لكننا لا ندرك انه في امس الحاجة للعون، فكرامته تانف الذل ومد يده لسؤال الاخرين. فهؤلاء يستحقون ان ترفع لهم القبعة وهم الاولى في تقديم كل ما يحتاجونه، والبحث عن الطريقة المناسبة لتامين لقمة العيش لهم، وهذا كله منوط بالمجتمع افرادا ومؤسسات.
فاليكن للفقراء نصيب لهم من تفكيرنا ومشاعرنا والسؤال عنهم، فعندما ننظر الى بيوتنا واولادنا والنعمة التي بين ايدينا نحمد الله، ونعقد النية للبحث عن عفيفي النفس من الفقراء والمساكين بالاخص من الاهل والجيران ، فهم في الصدارة والمقدمون على غيرهم في تقديم الصدقات والتبرعات اللازمة لهم.