لطالما قلنا أن الحل الوحيد أمام أي
عقبة أو خلاف بين الناس هو الحوار، فالحوار يهذب النفس ويكسر فيها حدة الزهو
والتصلب في رأي أو فكر، فإذا ما جلس الإنسان على طاولة واحدة أمام من يخالفه الرأي
ذابت الفوارق وأصبح كل واحد أقرب للاخر وأكثر تفهما لوجهة نظره، فكثير من المنتفعين
والذين يصطادون في الماء العكر لا يجوز لهم مبدأ الحوار، فهم يحاولون جاهدين لضرب
الأسافين بين الأطراف المتنازعة ويتفننون في ذلك بأساليب ووسائل عجيبة.
نقول حوار أي أننا نشد على مبدأ
التصالح بين الأطراف المتنازعة، ونعول على حلول تصب في مصلحة الجميع، ونقول حوار
نعني أن المياه ستعود لمجاريها، ونرفع الغشاوة عن أعين المتحاورين، ونطرح
الإقتراحات والأفكار المختلفة، والتي تدفع نحو حلحلة القضايا والأزمات ووضع مصلحة
البلاد والعباد فوق كل شئ، فربما في لحظة تشبث برأي أو شد وجذب يغفل المرء عن
جوانب مهمة للمسألة موضوع المناقشة، ومن هنا فعندما تختار طريق الحوار، فأنت تقطع
الطريق على أزمة قد تطول والتي قد يكون لها انعكاسات شديدة وقوية على الجميع، يضع
معها المتحاورين أوراقهم على طاولة واحدة، تذلل العقبات وتكون للحلول المنطقية
والواقعية نصيب أكبر، وذلك لإستجلاء الحقيقة وإعادة الثقة بين المتحاورين أنفسهم،
وتعزيز قيمة الحوار البناء المبني على أساس إرادة المتحاورين لإيجاد مخرج للأزمة
أو المشكلة موضوع النقاش، فلن يكون للحوار منفعة أو جدوى، ما دامت الإرادة غير
حاضرة، وهي إرادة تختصر الطريق على المتحاورين وتقطع الدرب أمام أي محاولة للنيل
من المجتمع وأفراده.
فأساس الحوار قائم على روح المنافسة
الشريفة، لأخذ مكاسب تصب في مصلحة الوطن وأبنائه، فالمنطق يحتم على مخالفي الرأي
التحكم إلى الحوار، فهو أيسر المسالك لوضع حد للعواصف والتي قد تسوق المجتمع إلى
حافة الخطر، فلا معنى للتشدق بالاراء وكل طرف يتصور أن رأيه هو الأصح.
خلاصة القول: فلندع فسحة للحوار فهو
سيد الحلول، بل أنجعها في حال كانت الأطراف تنظر لمصلحة الوطن والأفراد بعين
الحريص الواعي.