بقلم: ا.د حسين محادين
جرت العادة ان يُحدث الرُهاب
النفسي”الخوف الفردي والأسري معا كمثال” السياسيون عبر قراراتهم المتهورة في ظروف
السِلم والحرب معا؛لكن ان يُحِدث التربيون والبيئة التعليمية “المدرسون،المنهاج، نظام
الامتحان، الطلبة والأهل “مثل هذا الخوف المزمن من امتحان التوجيهي؛ فهذه بحاجة
الى جراحة فكرية غير مجاملة؛ ولعل ابرز ما يمكن ذكره من عوامل تخلق الخوف الجمعي
من هذا الامتحان الذي جُعِل مفصليا في حياة كل من منا ما هو آتِ:-
1-ان نتائج هذا الامتحان من حيث المعدل
هي التي تحدد نوعية واتجاه فرص شبابنا من الجنسين في اختيارهم للكلية الجامعية
التي ستقبلهم لاحقا، اي تخصصهم الجامعي الذي سيصنع مستقبلهم باعتقاد معظمنا في
الحياة وسوق العمل انطلاقا من التوجيهي غالبا؛ وذلك بناءً على مجموع علاماته وليس
تفضيلاته الذاتية وامكاناته الشخصية الاخرى التي يُغفِلها القبول الجامعي للأسف .
2- لأن المعدل هو الاساس هنا؛ فتصبح كل
الوسائل المُستخدمة لتحقيق “اعلى معدل ” مقبولة اجتماعيا بغض النظر عن شرعتها لدى
الطالب والأسرة والمجتمع غالبا ؛ بما في ذلك الغِش في الامتحان وحتى تقديم الرشوة
لآخرين في سبيل النجاح والحصول على المعدل الاعلى.
3-لأن هذا الامتحان الوزاري معياري
دقيق علميا ؛فأن نسب الرسوب فيه واضحه وعالية عموما؛ الأمر الذي يدفع بالطلبة
الضِعاف وبإنفاق عالِ من اهاليهم الطموحين الى دراسة وتقديم هذا الامتحان في دول
أخرى؛ ما يربك وزارتي التربية والتعليم العالي بخصوص حاملي الثانوية العامة من بلد
غير الاردن؛ وكذلك ارباك جو وميزانيات أسر هؤلاء الطلبة على أمل اجتياز ابنائهم
لهذا الجسر التعليمي العسير نحو الجامعات والحصول على اي شهادة جامعية بغض النظر
عن فرص الحصول على وظائف لاحقا.
4- لعل من مؤججات الرهاب الجمعي
المصاحبة لهذا الامتحان مثل ارتفاع قيمة انفاق الاهل على ابنائهم من رسوم مدارس
ومدرسين خصوصين ترابطاً مع حجم ونوعية الضخ الاعلامي والاسري المتبادل وجاهة او
عبر الاتصالات الاستفسارية اليومية مع الاقرباء والجيران “كيف قدموا اولادكم مادة
اليوم؛ ولاننسى دور وتأثير الادعيه الدينية الضخمة المضمون والحجوم التي يبُثها
اهلنا لطلبتنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمُطالِبه لهم من الله عزت قدرته
انجاحهم والتيسير عليهم في هذا الامتحان الرُهاب فعلا.
اخيرا..تُرى كيف تتعامل المجتمعات
المتقدمة مع مثل هذا الامتحان او ما يوازيه؛اولم يحن الوقت يا تربوينا الاماجد ان
نعمل معا على الحيولولة دون أستمرار هذا الرهاب الجمعي المتكرر سنويا..اما انتم يا
أهل طلبة الثانوية العامة أما ان لكم ان تقتنعوا بأن هناك فروقا فردية ومستويات
اداء تختلف من طالب الى أخر ؛وأن تدعوا طلبة التوجيهي يقطفون فعلا ثمار ما تعلموه
قبل دخولهم الامتحان لتظهر الفروق المعيارية بين طالب واخر..وكل توجيهي نحن
وطلبتنا في أمان وتقبل لنتائج التوجيهي دون الخوف الجمعي منه ومن مصاحباته الموجعة
للآن.
*اكاديمي وعضو مجلس اللامركزية -محافظة
الكرك.