حين يحلم كل هؤلاء باوطانهم ارضا وسماء يكون وطني هو كل هؤلاء من بكى ومن تباكى ... ومن شكى ومن تشاكى وكل تلك المساحات التي غصت بالغاضبين وخلف الساحات الكبيرة ... والقرى المترفة بالحقول والهضاب والصحاري التي وقفت وربما زحفت اليها الصحاري الكبيرة ... وطني الكبير يمتد من عيني حتى البيارق التي تعددت ووطني الصغير هو ما داخل العين حينما يحاول الغرباء ان يطعنوه في مواضع الوجع ..... وطني قطعة من النعيم ونعيما وسط كل هذا الظلام ... وطني يتناوله الابناء الذين لم يتعلموا ادب مخاطبة اباءهم وامهاتهم باسوأ الكلمات ويرميه المارة باسوأ الصفات .. وطني كان بئرا كريما يسقي الجميع بانقى المياه واليوم يرميه البعض بالحجارة .... وطني عمره مئة عام ويزيد والف عام ويزيد .. وطني كان موطنا للانبياء والشهداء والعشاق ... وطني يفتقر للماء ويفتقر لكل مكونات الغنى ويفتقر لجغرافيا ممتدة لكنه غني بالفعل وغزير بالعلم وعصيا على الجبناء والفاسدين رغم كل هذا النزيف ........ وطني استوطنه الجميع فصاروا مواطنين ونزح اليه البعض فصار وطنا اخر لهم حتى ان بعضهم ما عاد يجد في غيره وطن ... وطني هواء نقي وشمس تخجل على ارضه واهله من حرها ... وطني الدنيا حين تضيق البلاد وكل النسائم حين يضيق الخلق ..... تستوقفني بكل بلاد الارض جمال وماء وغيم يلامس سهول وتلال .. ولكني اجد ان الاردن وطني اجمل واهله نشامى .... لقد غصت عيوني بدمعة خجولة حين الصدور التي غلت بنكران الجميل نفثت سوادا ... كيف لنا ان نمشي وخلفنا الوطن ؟.. يقولون ماذا صنع لك الوطن مع كل هذا الذي قدمته ؟ واقول انا لا اريد الا وطنا سليما من الاذى حتى ينعم ابناءي بوطن ناصع الامان ... كلنا يتمنى ان تبدا الاجازة ليعود الى تلك القرى والحواري لينعم بغيمة حبلى بالندى او اهل يستمرئون الاذى على ان يكفروا بالوطن ..... الوطن يا سادة ليس شخصا او حزبا او شلة تعتدي عليه انه غير ذلك فلندافع عن وطننا بان نقدم له جل حبنا وخيرنا وان نقيم فيه ونستثمر فيه فالخير قادم ولن يرحم الوطن كل الابناء الذين خرجو من عباءته .. الاردن ليس على الحافة ومن تشدق بها ربما حانت حافته بعد ان امتلا بطنه بخير الوطن ... واعود لكتاب الاردن على الحافة للكاتب البريطاني السفير انذاك في عمان تشارلستون الذي تنبأ بزوال الاردن مطلع عام 1958 م وبقي الاردن بينما ذهب كل الذين تامروا عليه ... بقي الاردن بعد محاولة الفتنة التي تم وأدها في ايلول 1970 م بينما ذهب الذين خططوا لزواله وكلهم ذهبوا الى مزبلة التاريخ ، ان كنا حقا نؤمن بالمواطنة الى وطن احببناه فلنؤمن بان ما يمر به من محنة اقتصادية تسبب بها الفاسدون وانصاف الموالين الذين همهم فقط ان يتبوأوا المناصب وينالوا الرتب ويحصلوا على الرواتب ويبثوا الاشاعات بانهيار المؤسسات السيادية في الدولة لاجل حاجة او لغاية او لضعف انتماء .... الاردن باق حتى وان غابت الوجوه والاردن لن تهزه رياح الكراهية حتى وان استحكمت في الشوارع ....... اللهم احفظ وطني من كل فاسد وجبان