عصام قضماني
ينشغل الناس بالمناهج وبإتفاقية الغاز وقد إنتقت المعارضة ومن لهم مصلحة موضوعين هما الأكثر حساسية لتأجيج مشاعر الشارع وهي إن نجحت في ذلك بعض الوقت فلن تتمكن من أن تنجح كل الوقت مع تزايد القناعة بأهمية إصلاح التعليم المتهالك وأهمية تأمين مصادر رخيصة من الطاقة تقلل حجم الفاتورة ويلمس الناس أثرها الإيجابي .
لا يريد رئيس الوزراء أن يرمي للشارع بحبال معركة جديدة عنوانها دعم الخبز وهو موضوع آخر لا يقل حساسية وشعبية , وهو لا يترك مناسبة الا ويؤكد خلافا لقناعته وخلافا للمنطق الاقتصادي بأن دعم الخبز يجب أن يتوقف .
كثير مما قاله الرئيس في لقائه رؤساء تحرير الصحف اليومية يستحق التعليق لكنني سأتوقف عند تصريحه الذي وصل الى درجة الحسم من أن الحكومة لن ترفع أسعار الخبز , وهو ما سينال رضا الإتجاهات الشعبية لكنها بظني معركة مؤجلة .
لم ينجح الوزراء المتعاقبون على وزارة الصناعة والتجارة والتموين بمن فيهم الرئيس الملقي نفسه في فك شيفرة الطحين المدعوم والهدر الهائل فيه لكن الأهم المرابح الكبيرة غير القانونية , إما لأن الخبز سلعة شعبية حساسة تدفع في الواجهة عندما يجري التفكير في تصحيح تجارتها أو لأنهم لا يرغبون في إثارة غضب المستفيدين من هذه التجارة التي نشأت على هامش الدعم وهي تجارة الطحين هي المعركة الحقيقية.
التشوه المصاحب لشراء القمح بأسعار عالمية و شحنه و التخليص عليه و تخزينه و نقله على حساب الخزينة وما يرافقها من عمليات تهريب القمح و بيعه في السوق السوداء مباشرة من العقبة او الجويدة و غيرها واللعب على معامل الجفاف الذي يؤخذ في عين الاعتبار عند عمليات الجرد لتعقبها المرحلة الثانية هي المطحنة التي يجري فيها تهريب قمح و طحين والتلاعب في نسب الطحين والنخالة، التي تباع بإعتبارها نخالة وإنشاء المطاحن مصانع للأعلاف لتسهيل التهريب وإعادة التدوير كأعلاف دواجن او أبقار والمخابز التي لا تنتج الخبز بل تبيع مخصصاتها اليومية من الطحين بسعر قد يصل الى ٢٠٠ دينار لكل طن وإستعمال الطحين المدعوم في منتجات كعك و خبز محسن و حلويات حيث يصل ربح الطن ٤٠٠-٥٠٠ دينار واسعار رخص المخابز التي تصل في القرى الى نصف مليون دينار و في المدن الكبيرة الى مليوني دينار كل ذلك شكل ما يستحق الدفاع عنه وتشويه أية إصلاحات بحرفها عن معناها وغايتها تماما كما حدث في إصلاح التعليم الذي صغر حتى إقتصر على المناهج وما هي الا الجزء الأصغر في عملية الإصلاح لأن ثمة كارتيلات تخشى فقدان مكاسبها من إصلاحات شاملة وأكثر عمقا .
عن الرأي