القسم : بوابة الحقيقة
لغـــة الطـبيــب عـــائـق يجـب ازالتـــه
نشر بتاريخ : 8/12/2017 3:50:12 PM
الدكتور فايز أبو حميدان
 
بقلم: الدكتور فايز أبو حميدان

انتظار طويل في عيادة الطبيب والدخول إليه لمدة لا تزيد عن عشرة دقائق يقوم خلالها بتوضيح نتائج الفحوصات التي أجريت لصديقي قبل أسبوع والذي لاحظ عجلة الطبيب في انهاء الحديث معه لوجود عدد كبير من المرضى في غرفة الانتظار، وبعد تفحصه لصور الاشعة والنتائج المخبرية أخبر صديقي بأن الأمر طبيعي ولا داعي للخوف فهو يعاني من اعتلال غضروفي في الركبة وتآكلها ( Chondropathy ) وهو مرض يصيب كبار السن عادةً، وقد طلب صديقي مني ان أترجم له ما قاله زميلي الطبيب.

يتكون جسم الانسان من مليارات الخلايا المختلفة والمرتبطة مع بعضها البعض والتي تكوّن الأعضاء القائمة بوظائفها الحيوية الضروريّة لحياة وصحة الإنسان بشكل طبيعي وسليم من خلال أنظمة معينة في الجسم، وفي حال حدوث أي خلل بإحدى هذه الوظائف فمهمة الطبيب تتمحور في البحث عن أسباب الخلل بهذه الأنظمة المعقدة، وبعد ذلك عليه ان يشرح للمريض كيفية عمل أعضاء جسمه والخلل الذي حدث لديه واسبابه.

ان هذا الامر يتطلب تواصل فعال بين المريض والطبيب المعالج، بحيث يتحدث الطبيب بلغة يفهمها المريض ويدرك معناها، وذلك لان فهم المريض الخاطئ للتشخيص او العلاج او الإرشادات الطبيّة يؤثر سلباً على العلاج وبالتالي يشكّل خطراً على صحة المريض وأحياناً على حياته.

هذا ويعتبر حاجز اللغة من أهم عوائق التواصل الفعال بين المريض والطبيب، إنني لا ألوم زملائي الأطباء لعدم معرفة بعضهم كيفية الحديث بلغة يفهمها ويعيها المريض دون عناء، كما وقد يعجز البعض منهم عن وصف الحالة الصحية للمريض بلغة تتناسب مع لغته واستيعابه، وذلك لأننا لم نتعلم هذا في الجامعات ومن يملك منا هذه الموهبة يجب ان يكون شاكراً لله.

هناك الكثير من الناس لا يفهمون اللغة التي يتكلم بها الطبيب ولا يكترثون لأهمية هذا الأمر وما قد يترتب عليه من مشاكل صحية تهدد حياة المريض نتيجةً لسوء الفهم الذي قد يحدث حول طرق العلاج أو كيفية تناول الادوية.

وفي هذا الصدد صدرت دراسة لوزارة الصحة الألمانية بينت أن خسائر شركات التأمين الصحي التي تتكبدها بسبب الأخطاء الطبية الناتجة عن لغة الاطباء وعدم فهم المريض لتعليمات الطبيب تزيد عن 10 مليار دولار سنوياً، وذلك بسبب السلوك الخاطئ للمريض والناتج عن سوء الفهم واعتماده على ترجمة خاطئة لكلام الطبيب وقيامه باتخاذ قرار طبي غير مناسب تكون نتائجه غير مرضية وتكاليفه عالية وقد يشكل خطراً على حياته.

لذا نجد هناك توجهات لدى الكثير من دول العالم نحو تطوير برامج وتطبيقات حديثة عبر الانترنت تقوم بترجمة اللغة الطبية ومساعدة المرضى على فهم نتائج فحوصاتهم لتفادي حدوث أي اضرار لها علاقة باللغة، كما ويشرف على هذه البرامج طاقم مؤهل وذو خبرة معظمهم يعملون تطوعاً ويبدون آراء حيادية وموضوعية بكل شفافية ومهنية وصدق، إلا ان هذا الاتجاه للأسف غير متوفر باللغة العربية وياحبذا لو وجدنا نخبة من الاخصائيين يقومون بهذا العمل لمساعدة المرضى لتجنب مخاطر سوء الفهم أو اعتماد المريض على ترجمة كلام طبيبه المعالج بطريقة خاطئة.

ولتجاوز حاجز اللغة الذي يعيق التواصل الفعال بين المريض والطبيب وما يترتب عليه من مخاطر ومضاعفات تهدد حياة المريض، يجب علينا اتباع نهج تعليم الأطباء والكوادر الصحية لغة المريض او الترجمة المفهومة للمصطلحات الطبية لكي يتسنى لهم توضيحها للمريض بطريقة تُمكنه من معرفة مشاكله الصحية والمساهمة معنا في اتخاذ القرار الطبي المناسب لصحته وتسهيل مسألة الوقاية من الامراض والمضاعفات.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023