القسم : بوابة الحقيقة
كورونا المخطئ والمصيب
نشر بتاريخ : 5/26/2020 6:51:23 PM
المهندس احمد محمود العليمات


أجتهد الجميع في التعاطي مع جائحة كورونا بالطريقة التي يراها مناسبة مع تداخل المصالح والمغارم فمنا من أخطأ ومنا من اصاب ولكن تتحمل الحكومة اثر اجتهادها لانه الوحيد الذي تم تطبيقه وخضع للقياس فيما جميع الاجتهادات الاخرى بقيت سحب في الفضاء العنكبوتي .

وعند الحكم على اي اجراء في هذا الشأن يجب النظر الى المسببات والمبررات والتنفيذ والنتائج ، اما المسببات والمبررات فالجميع يعرفها لا بل يحفظها عن ظهر قلب ولمختلف الاعمار والثقافات والجنسيات والاديان فهي جائحة لم يشهد تاريخ البشرية مثيل لها من ناحية حجم الرقعة الجغرافية للانتشار المتزامن وغموض وصعوبة الحلول الناجعة لمواجهتها. اما فيما يتعلق بالتنفيذ فحدث ولا حرج وخير مثال منظر الاسواق والشوارع قبل تطبيق اي اجراء يطلب، علما بان النتائج مرضية نوعا ما مقارنة مع ما يحصل بالدول الاخرى مع واضح الفرق بالامكانيات.

وبنظرة للاجراءات الحكومية فقد حالفها التوفيق باجراءات كثيرة كان منها : 

توحيد قيادة الجهود المبذولة لمواجهة الجائحة من خلال مؤسسة وطنية واحدة رائدة ومؤهلة لمثل هذه الظروف وهي المركز الوطني للامن وادارة الازمات. 

المبادرة باتخاذ الاجراءات مبكرا" حيث بدأت بالحظر وتعميم الاجراءات الواجب اتخاذها مع اول بوادر وصول الجائحة للبلد للتخفيف من الاثار الصحية والبيئية.

دمج جميع الجهود تحت قيادة واحدة فاعلة قادرة على اتخاذ الاجراء المناسب تشكيل خلية ازمة من جميع الاطراف المعنية ومنحها الصلاحيات لاتخاذ ما تراه مناسبا".

فرض التشاركية بين جميع القطاعات رغم ان تاثير بعضها ضعيف او لا يكاد يُلمس. 

كما احتوت اجراءات الحكومة وحسب رايي الشخصي على جوانب واجراءات اعتراها بعض الغموض واولاها بالتوضيح عدم المكاشفة. فقد وعدت الحكومة الموظفين في القطاع العام بتوفر السيولة لرواتبهم ولم توضح المصدر الذي ستُجلب منه الاموال مما ادى لتراخي هولاء وركونهم للراحة وتشجيع الفريق المنادي بالحضر الشامل. كما طمأنت العاملين بالقطاع الخاص واصحاب الحرف وعمال المياومة من خلال نشر خبر بان مداخيلهم سيتم تعويضها ولن تتاثر بالجائحة دون تفصيل لبرنامج الدعم الاقتصادي المجتمعي الذي سيغطي هذه المبالغ وهذان المبرران كافيان لاعطاء العامة الاريحية بالتعامل مع اوامر الحظر لا بل كسرها ان اقتضى الامر. الا انها اغفلت الحكومة فئات مجتمعية واسعة من المعالجة ناهيك عن عدم نجاعة البرامج التي اعلنتها لاحقا" والتي لم تلبي طموح اي من الفئات.  كما عملت الحكومة على طمأنت المواطنين بان احتياجاتهم من المواد متوفرة وبمخزون استراتيجي مريح مما حدا بهم زيادة الاستهلاك في زمن يجب ترشيد الموارد، وهذا سبب عدم قدرة الحكومة على ايقاف عمليات الشحن من والى دول الجوار. وكان اعتماد الحكومة على وعي المواطن علماً بان الاغلبية يجهلون بروتوكولات التعامل مع الازمات وبروتوكولات التعامل الاقتصادي والتجاري والامني بين الدول. كما  اغفلت فئات ( او بعدم تحقيق شروط الانتفاع من برنامج الدعم) من اصحاب المهن العاملين بالتجوال سواء بائعي البسطات او الباعة المتجولين او اصحاب المصالح غير المرخصة ولا يستطيع اصحابها ترخيصها ولا يرغبون بذلك لاسباب يعلمونها، اهمها جهلهم بالانظمة والقوانين النافذة. كما كان اثر لاغفال فئات المقيمين سواء أكانوا مستثمرين او عمال او لاجئين والذين يمثلون نسبة لا باس بها من المستهلكين معتمدين على مداخيلهم التي يحصلون عليها من عملهم اليومي.

اما المواطنين ومن باب الانتماء للوطن والخوف من تأثيرات الجائحة فقد نجحوا بالاستماع الى اوامر الدفاع وحضور المؤتمرات الصحفية التي تبثها الحكومة يومياً. كما ادلوا باراءهم بغزارة على مواقع التواصل الاجتماعي في كل حركة وسكنه للحكومة كما اداروا بنجاح منقطع النظير ومن مختلف المستويات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية جدل فيما بينهم وعلى مختلف وسائل التواصل حول خطأ او صواب الاجراء الحكومي.

الا اننا كمواطنين ومن وجهة نظري الشخصية جانبنا الصواب في كثير من الجوانب ومن اهمها على سبيل المثال:

عدم تقدير الموقف بما يخص الحظر ومدته واثره على المجتمع حيث بدأنا كفريقين متضادين الاول مؤيد مبارك والاخر معارض شاتم علما" بان كلانا كان محدود الالتزام بالحظر.

عدم وجود ادنى خطط لادارة الازمة على مستوى العائلة وعدم وجود ثقافة استخدام البدائل وفي ازمة الخبز العتيدة خير مثال ، حيث وصل مخزون بعض العائلات المحظوظة لسبعة ايام عمل بينما البعض الاخر تضور جوعا" علما بان ما خُزّن لدى الاولى تم القاء اكثره عند الحاويات . علما بان امهاتنا لم يشكين يوما من عدم توفر مادة غذائية بحسن ادارتهم رغم شح الامكانيات والمواد.  

تدني مستوى الوعي والالتزام مما لاشى فاعلية الحظر الجزئي وتنامي الاستهتار في ضل الفشل الواضح في إدارة بعض الملفات. 

التفنن في انتقاد الاجراءات من دون تقديم اي حلول او مقترحات تساعد ودون العلم بالمعطيات الموجودة لدى صاحب القرار وكمثال على هذا قضية سائقي الشاحنات فالكل يطالب باغلاق الحدود وهو ابسط حل يمكن التفكير به من قبل مراهقي العمل الحكومي فكيف غاب عن اصحاب القرار فالمطالبين بقرار الاغلاق لا يعلمون بروتوكول العمل التجاري والدبلوماسي والامني بين الدول ، لا يعلمون كم سائق حاصل على تاشيرة تسمح له بالعبور ولا كم شاحنة صالحة فنياً للعبور ولا كم شاحنة صالحة امنياً للعبور ولا يعلمون كم شاحنة صالحة لطبيعة البضاعة المنوي تبادلها فهناك بضائع تنقل بطريقة "السائبة" واخرى مشولة وهناك المحفوظة بهيئة المعلبات واخرى لا تنقل الا مبردة وبضائع يجب تسجيل ظروف نقلها من نقطة التحميل الى نقطة التنزيل من خلال ما يسمى لاقط البيانات (data logger)  وغيرها من الشروط بالاضافة الى سعة وحجم السيارات المتوفرة وتفاصيل مملة كثيرة.

وممـا لاشـك فیـه أن التنسـیق ما بين كافة القطاعات يعتبر خطـوة مهمة وأساسـیة على طريق المواجهة والتصدي لهذه الازمة والتعافي من اثارها  الخطيرة وان نجاح اي خطة يعتمد كليا" على تفهم وتعاون الجميع وحرص كل قطاع على تنفيذ واجباته وما يراه في الصالح العام للوطن حمى الله الاردن واعانه على مكافحة هذه الجائحة اللعينة وادام عليه الامن والامان في ظل الراية الهاشمية.
# شدة_وبتزول ان شاء الله
#علمنا_عالي باذن الله
A_Olaimat@yahoo.com

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023