القسم :
محلي - نافذة على الاردن
نشر بتاريخ :
13/08/2025
توقيت عمان - القدس
8:01:46 PM
نتنياهو وحلم "إسرائيل الكبرى": تأكيد لحقيقة "الصراع".. انها حرب عقائدية!
الحقيقة الدولية - عمّان - كتب المحرر السياسي
بكل صفاقة، خرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ليعلن
على رؤوس الأشهاد بأنه في "مهمة تاريخية وروحية" لإقامة ما يسميه
"إسرائيل الكبرى"، دولة الوهم التي تمتد – حسب خرافاته – من فلسطين إلى
أجزاء من الأردن ولبنان وسورية ومصر.
هذه التصريحات التلمودية ليست مجرد لغو سياسي أو نزوة عابرة،
بل دعوة صريحة لتحويل الصراع من نزاع على الأرض والسيادة، إلى صراع عقائدي وجودي!،
يحاول فيه قادة الاحتلال استدعاء الأساطير الدينية لتبرير مشروع استعماري توسعي،
وإلباسه ثوب "التكليف الإلهي"، وهذا أخطر ما فيه، لأنه ينقل المواجهة
إلى ميدان العقيدة، حيث لا تسويات ولا حلول وسط، بل معركة بين حق وباطل، بين أمة
تدافع عن أرضها وعقيدتها، وكيان يختبئ خلف نصوص محرّفة ليشرعن البغي والعدوان.
تصريحات نتنياهو اليوم، امتداد لرؤية استعمارية تلمودية، من
خطة المقبور "أوديد ينون" التي نشرها عام (82) إلى مؤسس الصهيونية
"ثيودور هيرتزل" الذي رسم حدود الكيان الاسرائيلي من النيل إلى الفرات،
وجعل من تقسيم وإضعاف الدول العربية أداة لتمكين الهيمنة الصهيونية، وصولاً إلى
زبانية التيار الديني الصهيوني، سموتريتش وبن غفير ومن لف لفيفهما، الذين يستندون
إلى أيديولوجيا تعتبر السياسة والقانون الدولي بلا قيمة.
إنه الحلم الأسود ذاته، الذي رسمته نصوص التوراة المحرّفة
وأطماع استعمارية في سفر التكوين (15:18-21): "في ذلك اليوم عقد الله ميثاقاً
مع أبرام قائلاً: سأعطي نسلك هذه الأرض، من وادي العريش إلى النهر الكبير، نهر
الفرات"..
الحلم التوراتي المزعوم قديم، لكن إخراجه بهذا الوضوح وفي
هذا التوقيت بالذات، يبعث رسائل خطيرة ومباشرة، للأردن والدول العربية، التي يطمح
الكيان باقامة دولته المزعومة عليها، والرد المطلوب لا يجب اقتصاره ببيانات الشجب
والادانة، بل باستنهاض الهمة، واستنفار الداخل الأردني، والاستعداد لكل خطب،
لمواجهة المخططات الخبيثة قبل أن تتحول من خطابات إلى محاولات تنفيذ على الأرض.
ربما يحاول نتنياهو وأتباعه من غلاة التطرف الديني الهروب من
أزماتهم الداخلية إلى تصدير خطاب الفوضى والعنف، في محاولة لإشعال المنطقة، لكنهم
يتناسون أن شعوب هذه الأرض – من الأردن إلى فلسطين وسورية ومصر ولبنان – لم ولن
تنكسر، وأن مشروعهم التوراتي المزعوم الذي تحطم على صخرة غزة وحدها، سيندثر تحت
أقدام الأردنيين، وإرادة الشعوب العربية قبل أن يكتمل وهمه على الخرائط!
وزارة الخارجية الأردنية لم تنتظر طويلاً، وجاء ردها فورياً
وحاسمًا، واعتبرت أن تصريحات رئيس حكومة الاحتلال تصعيد استفزازي خطير وتهديد
مباشر لسيادة الأردن والدول العربية، وأكدت أن أوهام حكومة الاحتلال العبثية لن
تنال من الأردن ولا من العرب، ولن تمحو الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.
الرسالة الأقوى التي يدركها الصهاينة جيداً ليست في البيانات
الدبلوماسية، بل في التاريخ الحي للأردنيين، الذين كسروا أطماع الغزاة على أسوار
الكرك، ولقنوا جيش الاحتلال درساً في "الكرامة"، وروت دماء شهدائهم
الزكية ثرى فلسطين الطهور، وسيكتشف الطامحين بحلم "النيل الى الفرات"،
أن العيون هنا لا تنام، والبنادق لا تصدأ، والقلوب لا تخشى إلا الله، فهنا رجال
يطاردون الموت كما يطارد غيرهم الحياة، ويبتسمون للشهادة كما يبتسم الجبناء للفرار
والنجاة!
ما يدركه الصهاينة العابرين في أوهام التاريخ، أن الأردن،
الذي خبر المؤامرات وحارب الغزاة، لم يكن يوماً لقمة سائغة، ولا أرضًا سائبة، ولن
يكون، فهنا تقف حدود النار، وهنا رجال لا يساومون ولا يفرّطون، ولو فكر (ظلّ)
صهيوني باستباحة أرضه سيجد السهول تحولت إلى ميادين نار، والجبال إلى قلاع،
والوديان كمائن!
إن رسالة الرد الأردنية على حلم "من النيل الى
الفرات" .. من الرصاصة الأولى إلى آخر شهيد!، ستكتشفون أن ما تطمعون به ليست
مجرد أرض بل جحيماً، وتجدون في استقبالكُم رجالًا
كتبوا على جباههم: تعالوا.. فاما
النصر أو النصر، والموت في سبيل الله أسمى الأمنيات!