بقلم: علاء القصراوي
حديثي اليوم ليس جديداً، فهو همّ يومي وخواطر كل مواطن أردني غيور على وطنه وشعبه.
فالأردن اليوم يمر بأزمة إقتصادية خانقة، وذلك بعد إنقطاع المعونات التي كانت تصل من الدول الداعمة والتي إشترطت على الأردن مواقف محددة للإستمرار في تدفق تلك المساعدات، إضافة للديون المتراكمة للبنك الدولي على الأردن، وضعف موارد الدولة والمردود المنتظر من الإنتاج الوطني الذي يدعم الإقتصاد الداخلي.
بعد زيادة الضرائب ورفع الدعم عن كثير من المواد الحياتية الأساسية للشعب الأردني، زاد الإحتقان الداخلي للمواطنين الذين أثقلت كاهلهم حلول الحكومة الضيقة، فما تفتأ أن تأتي حكومة حتى تصل لنتيجة واحدة وهي إستنزاف جيب المواطنين، مع العلم أن أغلب المواطنين من ذوي الدخل المحدود.
وهنا نطرح سؤالاً يتعلق بوجود مبادرات إقتصادية يحسن ريعها من دخل البلاد ويقلل بعضاً من المديونية العامة، حيث أن على الحكومة الإقتداء بكثير من الدول التي إستطاعت أن تمتلك زمام قرارها الوطني ولا تُعوِّل على مساعدات تأتي من هنا أو هناك، فالأردن أمام تحديات عديدة داخلية وخارجية.
فمع الإقتصاد المتواضع يوجد في الأردن عدد كبير من اللاجئين والذين رحبت بهم المملكة، إضافة للهم الخارجي فالأردن ممثلاً بقيادته الهاشمية الحكيمة وبذات جلالة الملك عبدالله الثاني إتخذ مواقف مشرفة تجاه المسجد الأقصى و قضية القدس الشرقية والقضية الفلسطينية، وسطر بمداد من ذهب ثوابت أردنية أصيلة، ورفض لأجل القدس أي دعم مشروط بتنازل الأردن عن أجندته الأخلاقية، ونحن بالمقابل نتحمل تبعات تلك المواقف الأخلاقية المصيرية بسرور وهذا ليس بغريب عن النشامى.
إن جلالة الملك عبدالله الثاني لا يألوا جهداً في دفع عجلة النهضة للأمام في كل الأصعدة، فلا يعتقد البعض أن الملك بعيد عن هموم شعبه ولا يتألم لألمه، بل إن جلالة الملك لا يتقاضى راتباً من الموازنة العامة منذ عدة سنوات، وما زيارة نائب الرئيس الأمريكي الأخيرة للأردن وتقديم معونة إقتصادية عاجلة للمملكة تصل لستة مليارات دولار للسنوات الـ 5 القادمة إلا ثمرة لجهود جلالة الملك ووزنه الدولي الكبير، فالمجتمع الدولي يعلم كل العلم أن إستقرار الأردن هو إستقرار لمحيطه وهذا بالتالي مطلب دولي، والحمد لله أن بلادنا يضرب بها المثل بالإستقرار وهي جالبة للإستثمار في ظل الأمن والأمان الذي تتنعم به، ومع ذلك لا تزال التبعات الأمنية والإنسانية على الأردن كبيرة في ظل الزلازل التي تحيط به، في سوريا والعراق وفلسطين، فعلينا بالصبر قابضين على الجمر يداً بيد للحفاظ على وطننا.
نعود ونقول هل إنتهت آفاق الحكومة بإيجاد حلول واقعية بخطوات منطقية لتحسين الإقتصاد الداخلي وتشجيع الإستثمار بمجالات الصناعة والزراعة والتجارة ؟ ما آخر المستجدات لإستخراج النفط ؟ فالكل يتكلم عن أردن يعوم على بحر من النفط، فهل يعقل أن كل الدول المحيطة بنا عندها نفط بينما تعتبر حكومتنا أن تكاليف إستخراج النفط أعلى من مردوده الإقتصادي المنشود ؟! أليس إستخراج النفط سوف يحل مشاكل الأردن كاملة، ويعيد أبناء الوطن الذين أكلتهم السنين في الغربة ؟ ماذا حصل بجهاز مكافحة الفساد وماهي إنجازاته ؟ لقد قال جلالة الملك عبدالله الثاني "أنا لا أحمي فاسداً"، فأين إنجازات جهاز مكافحة الفساد ؟ وهل هنالك محسوبيات، أم أن لهم سقفاً لا يستطيعون تجاوزه ؟
سؤال آخر يراودني هل يتجرع الوزراء وأبناؤهم وغيرهم من كبار البلاد من سياسيين ورجال أعمال ما يتجرعه المواطن الأردني البسيط ؟
ثم نتوجه لأغنياء البلاد ما هو دوركم في دعم الشعب الأردني ؟ للأسف أقولها بمرارة عندما تأثرت أعظم دولة في العالم بالأزمة الإقتصادية العالمية السابقة وهي الولايات المتحدة الأمريكية إجتمع أغنياء أمريكا وتبرعوا بنصف مالهم لدعم الإقتصاد الوطني !! وسؤالي هنا هل هؤلاء أكثر إخلاصاً وحباً لوطنهم ؟ أين الشهامة والنخوة من نشامى الأردن الأغنياء ؟
نختم بالقول أن على الحكومة بالوضع الراهن أن تلتزم الشفافية في التعامل مع المواطنين، كما يجب عليها أن تمتلك برنامجاً نهضوياً حقيقياً فيما يتعلق بالهم الإقتصادي، وعلينا أن نحذر من أن يصل الأمر لجوع المواطن حيث أنه حينها لن يردع ذلك الجائع أي شيء وهو يرى أولاده يتضورون جوعاً بينما يتنعم المسؤولون وأولادهم بالمراكز العُليا والرواتب الفلكية، إن إستمرار إستهداف الطبقة المتوسطة التي إختفت تقريباً يجعل البلاد تنقسم بين ثُلة غنية وأغلبية فقيرة، وهذا غير مقبول بالأجندة السياسية التي تُعوِّل على إستمرار الطبقة الوسطى وزيادتها، فهم الذين يديرون كل مرافق الدولة ويعكسون الوجه الحضاري للمملكة.
نحن جميعاً بالهمّ سواء، ويجب علينا كأفراد ومؤسسات العمل يداً بيد لرفعة الأردن وبقائه عزيزاً عصياً عن الإنكسار.