بقلم: د. عزت جرادات
المشهد الأول: مجلس وزراء الخارجية العرب يعلن التمسك بالسلام على أساس (حل الدولتيْن) و(المبادرة العربية للسلام) كخيار استراتيجي، ويقرر التحرك على الساحتيْن الإقليمية والدولية، والعمل مع المؤسسات الدولية وإطلاق حملة إعلامية دولية تشرح خطورة القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس على الاستقرار والأمن في المنطقة، ودعا المجلس إلى تأسيس آلية دولية متعددة الإطراف تحت مظلة الأمم المتحدة لرعاية عملية السلام، ويعمل على عقد مؤتمر دولي لإعادة إطلاق عملية السلام على أساس قرارات الشرعية الدولية، ومبدأ الأرض مقابل السلام وحل الدولتيْن لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران (1967) وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، ويؤكد أهمية تفعيل (مبادرة السلام العربية) كخيار استراتيجي لإنهاء الصراع العربي- الإسرائيلي، والتي تؤكد الانسحاب الكامل وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية المحتلة (1967)، والتحرك الدولي لتفعيل المبادرة، وأكد أن انحياز الولايات المتحدة الأمريكية للجانب الإسرائيلي، قولاً وعملاً، يفقدها (دور الوسيط) في العملية السلمية ويعمق التوتر في المنطقة ويقوض استقرارها، وهي مدعوة للتراجع عن قرارها الأخير.
المشهد الثاني:
يلتقي المبعوث الأمريكي لعملية السلام (جايسون غرينبلات) مع قناصل الدول الأوروبية في القدس ويؤكد لهم بأن -صفقة القرن- في مراحلها الأخيرة، وتطبخ على نار هادئة، وهي بانتظار (القليل القليل من الملح والبهارات) وبأن هذه الصفقة تشمل المنطقة كاملة والطرف الفلسطيني هو أحد أطرافها، ولكنه بالتأكيد ليس الطرف المقرر أو صاحب القرار وبخاصة في المرحلة التطبيقية، وبأن من شأن هذه الصفقة أن تعالج القضايا الكبرى في المنطقة، وأهمها قضايا القدس واللاجئين الفلسطينيين والحدود ما بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل.
أما وضع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فقد تلاشت الأهداف التي وجدت من أجلها، فالأجيال الجديدة من اللاجئين الذين تقدم لهم الخدمات لم يعودوا لاجئين، فقد ولودوا على أراضٍ جديدة، الأمر الذي يدعو إلى تحديد فترة عملها.
المشهد الثالث الافتراضي:
ثمة مواجهة مفترضة بين الإعلان الذي يدعو إلى التمسك بالعملية السلمية لحل الصراع العربي -الإسرائيلي- كخيار استراتيجي- وبين صفقة تتجاوز العملية السلمية لتعنى بالمنطقة بجميع الأطراف والقضايا وربما تشمل المناخ والميزان التجاري وأزمات الطاقة والمياه...الخ.
وتقرر (صفقة القرن) أن أصحاب القضية، الفلسطينيين، لن يكون لهم دور فاعل في المرحلة التطبيقية! فمن هم أصحاب الدور؟ فهل يستدعي (ترامب) مهاجرين جدد لذلك الدور كالهجرات اليهودية السابقة لإقامة إسرائيل!!!
لم يعد الخطاب العربي السياسي قادراً على المواجهة، كما لن يكون كفؤا للنزال، فالمشهد يتطلب خطاباً عربياً مختلفاً، قوامه (وحدة الرؤية والهدف) والإعلان عنه بصيغة واضحة تعتد بالدعم الشعبي العربي في جميع الأقطار العربية، مهما كانت مشاكلها وقضاياها، فالأولوية لمواجهة صفقة عدوانية مجهولة الأهداف والمعالم تقرر بالوكالة مصير العالم العربي وشعوبه