بقلم: د. عزت جرادات
وقوفاً عند شعار (الرئيس ترامب): أمريكا أولاً، تبرز شواهد ومواقف سياسية لتؤكد أن (إسرائيل أولاً) فعندما التقى الرئيسان: ترامب الأمريكي وموراليس الغواتيمالي، كان البدء بتبادل التهاني بنقل سفارتيهما من (تل أبيب) إلى القدس... تم بتقديم الشكر إذْ أن (موراليس) كان الرئيس الوحيد الذي ينتصر (لترامب) متحدياً (128) دولة في المنظمة الدولية ومشتركاً معه في الدفاع عن (إسرائيل أولاً)، وبالمناسبة، فإن علاقة (غواتيمالا) مع إسرائيل ترجع إلى قرار التقسيم الذي أيدته (33) دولة وكانت (غواتيمالا) إحدى تلك الدول التي انحازت طوعاً أو كرها للموقف الأمريكي.
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، قدمت إسرائيل خدمات عسكرية، مادية وفنية وتدريبية إلى غواتيمالا، ضمن امتدادها إلى أمريكا الوسطى، فلا غرو أن يكون الممثل الكوميدي السابق والرئيس الحالي لغواتيمالا (جيمي موراليس) أول المستجيبين لنداء (ترامب).
وعندما لمّحت (هاارتيس) إلى رفض الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد عبر سفير واشنطن لدى إسرائيل عن غضبه، وهاجم الصحيفة العبرية مدافعاً عن (حق إسرائيل !!) في بناء المستوطنات في أي بقعة أرض في فلسطين، متناقضاً بذلك مع السياسية الأمريكية التقليدية وغير الجادة والمتمثلة باعتبار المستوطنات الإسرائيلية عقبة أمام عملية السلام التي كانت برعاية أمريكية (فإسرائيل أولاً) هي العنوان، وبالمناسبة أيضاً، فالسفير المذكور هو مستوطن إسرائيلي يمتلك مسكناً في إحدى مساكن الاستيطان في القدس.
وفي نهاية السنة الأولى للرئيس ترامب، اعتبر نقطة الذروة في منجزاته للسنة الأولى هي قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيلية، ونقل سفارة بلاده إليها، ليعلن إسقاط قضية القدس عن طاولة المفاوضات (المنتظرة) ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وثمة مؤشرات إلى اعترافه بيهودية الدولة الإسرائيلية لإلغاء قضية اللاجئين وحق العودة، فيرسخ سياسته أن (إسرائيل أولاً).
أما مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط (غومتيلاد) فقد عبر عن أهانته للشعب الفلسطيني، عندما ادعى أن (أحسن طريقة لعودة الفلسطينيين إلى المفاوضات هي وعدهم بتحسين ظروف حياتهم تحت الاحتلال) ولم يتفهم أن شعار الهوية الوطنية، وتحقيق الذات والمصير لدى الفلسطينيين ثمنها التضحيات والثبات، وهي أمور تجاهلها المبعوث الأمريكي متأثراً بسياسة بلاده (إسرائيل أولاً) .
وعندما أصّرت بولندا على إقرار (قانون المحرقة البولندي) بدافع المصلحة الوطنية البولندية، يصّرح المسؤول الأمريكي من واشنطن (خيبة الأمل) في السياسة البولندية، فالدفاع عن (إسرائيل أولاً) من وجهة نظر أمريكية يكون في أي مكان أو منبر سياسي.
إن هذه النماذج من المواقف الأمريكية للدفاع عن إسرائيل ليست مجرد انحياز غير عادل، فهي تعبر عن إستراتيجية أمريكية دفاعية، تنعدم عندها المبادئ الديموقراطية الأمريكية من أجل المصالح الإسرائيلية، ومع تمادي الطرف الإسرائيلي في مواقفه وأساليبه وممارساته العدوانية التي يتعرض لها الشعب العربي الفلسطيني تحت الاحتلال، فإن الموقف العربي اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج إلى تضامن عربي حول قضية ذات أولوية ولا خلاف فيها أو حولها، وهي القضية الفلسطينية وإنقاذ شعبها، مهما كانت الحالة العربية الراهنة في أشدها معاناةً وضنكاً وغيابَ رؤية ورؤيا