بقلم: د . هايل ودعان الدعجة
اثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ، ونقل السفارة الأميركية اليها ، ردود فعل عربية وإسلامية وعالمية غاضبة ورافضة لهذا القرار الذي يعد انتهاكا ومخالفا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقرارات والمواثيق الدولية ، التي تعتبر مسألة القدس من قضايا الوضع النهائي التي سيحسم امرها بالتفاوض ، وان الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس أراضي محتلة ، ولا سيادة لإسرائيل عليها . إضافة الى التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين ، وبما يضمن إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية . حيث رفضت جميع دول العالم القرار الأميركي ، معلنة احترامها لقرارات الشرعية الدولية ، وعدم اعترافها بالقدس عاصمة لاسرائيل باعتبارها مدينة محتلة . ما يؤشر مرة أخرى ، الى أهمية الرهان على جهود وقرارات الشرعية الدولية ودورها في مساندة حق الشعب الفلسطيني في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة . الامر الذي حرصت عليه الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني ، الذي بذل جهودا ومساع مكثفة ودؤوبة أسهمت في بلورة حراك سياسي دولي رفض وبالاجماع القرار الأميركي باعتباره مخالفا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، وذلك انطلاقا من الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية ، والدور الأردني الديني والتاريخي في القدس الشريف .
ان هناك الكثير من القرارات التي صدرت عن الهيئات والمنظمات الدولية مثل مجلس الامن والجمعية العامة ومنظمة اليونسكو ومحكمة العدل الدولية بخصوص القدس . فقد صدر عن مجلس الامن القرار 242/1967 الذي يدعو إسرائيل الى الانسحاب الى حدود ما قبل 1967 ، والقرار 253 / 1968 الذي يدعو إسرائيل الى الغاء جميع إجراءاتها التعسفية لتغيير وضع المدينة المقدسة ، والقرار 2253/1971 الذي يعتبر الإجراءات التشريعية والإدارية التي تتخذها إسرائيل لتغيير معالم القدس باطلة وغير شرعية ، وان ضم الجزء المحتل من المدينة المقدسة يمثل انتهاكا للقانون الدولي ، مطالبا جميع دول العالم بعدم الاعتراف به ، والقرار 465 / 1980 الذي يطالب إسرائيل بتفكيك المستوطنات والتوقف عن النشاط الاستيطاني في الاراضي المحتلة بما فيها القدس ، والقرار 476 / 1980 الذي يعتبر جميع التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل ـ السلطة القائمة بالاحتلال ـ والتي تهدف الى تغيير الوضع القائم وطابع المدينة المقدسة وهويتها ليس لها أي شرعية دولية ، وتشكل انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة ، والقرار 478 / 1980 والذي ينص على عدم الاعتراف بالقانون الاسرائيلي بشأن القدس ، ودعوة دول العالم الى سحب بعثاتها الدبلوماسية من القدس ، والقرار 2234 / 2016 الذي يؤكد بان إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس ليس لها شرعية قانونية ، ومطالبتها بوقف فوري لجميع الأنشطة الاستيطانية وعدم الاعتراف باي تغيرات في حدود 4/6/1967 . اما الجمعية العامة للأمم المتحدة فقد أصدرت القرار 181 / 1947 الذي اعطى القدس وضعا قانونيا خاصا بوضعها تحت الوصاية الدولية ، باعتبارها كيانا منفصلا تخضع لنظام دولي تديره الأمم المتحدة عن طريق مجلس وصاية ، ، والقرار 303 /1949 الذي أكد على عدم الاعتراف بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل . والقرار الصادر في 28/10/1981 الذي اعتبر ان أي تغييرات في القدس غير شرعية ومخالفة للقانون الدولي وعائقا امام عملية السلام ، والقرار الصادر في 9/12 /2015 الذي يشجب الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وتوسيع المستوطنات في القدس الشرقية ، والقرار الصادر في 6/1/2016 الذي أكد على ان اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس .
وبالنسبة الى منظمة اليونسكو ، التي تمثل مرجعية دولية ثقافية وتراثية وتاريخية علمية ، تستند الى الحقائق والشواهد التاريخية ، فقد اعتمدت تعريفا قانونيا لاسرائيل بانها قوة احتلال ، وكل ما تقوم به لتغيير الامر الواقع كما كان عليه الوضع قبل عام 1967 هو انتهاك واجراء احتلالي باطل قانونيا ، وطالبت اليونسكو إسرائيل كقوة قائمة على الاحتلال بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية وقرارات اليونسكو المتعلقة بتراث مدينة القدس القديمة واسوارها ، كما طالبتها بوقف جميع اعمال الحفريات والانفاق والهدم داخل وفي محيط بلدة القدس القديمة ، ووقف جميع الانتهاكات والتجاوزات التي تؤجج التوتر بين اتباع الديانات . إضافة الى ان اليونسكو قد اعتمدت التعريف الأردني والإسلامي والتاريخي الذي اعتبر بان المسجد الأقصى هو كامل الحرم القدسي الشريف ، كذلك فقد أصدرت اليونسكو عام 1968 قرارا يدعو إسرائيل الى الامتناع عن أي حفريات او نقل للممتلكات او تغيير معالم القدس او ميزتها الثقافية ، إضافة الى القرار الذي اصدرته عام 1981 حيث أدرجت بموجبه القدس في قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر ، والقرار 184 /2010 الذي أعربت فيه عن بالغ القلق من الحفريات الإسرائيلية في مباني المسجد الأقصى والقدس القديمة ، بما يتناقض مع قرارات اليونسكو والأمم المتحدة ومجلس الامن ، والقرار رقم 200 /2016 الذي يطالب إسرائيل بالعودة الى الوضع التاريخي القائم حتى أيلول 2000 ، ويستنكر الاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى من قبل متطرفي اليمين الإسرائيلي ، والقرار الصادر 2016 والذي ينفي وجود أي ارتباط ديني لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق ، وان الحرم القدسي الشريف مقدسات إسلامية فقط ، واما القدس كمدينة ففيها مقدسات للديانات الثلاث ، ما يعني رفض زيف الرواية الإسرائيلية حول ما يدعى جبل الهيكل وحائط المبكى ، والقرار الصادر عام 2017 الذي يؤكد على اعتبار القدس مدينة محتلة ، وان قرار ضم إسرائيل للقدس الشرقية لاغ وباطل ، ويرفض سيادتها عليها .
في حين أصدرت محكمة العدل العليا الدولية قرارا في 9/7/2004 اعتبرت فيه جدار الفصل العنصري الذي اقامته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة مخالف للقانون الدولي ، وطالبت دول العالم بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء هذا الجدار .