بقلم: د. فادي محمد الدحدوح
التعليم العالي في وطننا العربي والإسلامي يسهم بدرجة كبيرة في تنمية الموارد البشرية بما يمتلكه من قوى بشرية، وكوادر علمية مؤهلة لدفع عملية التنمية، وهذه الكوادر هي التي تعد أجيال المستقبل من أبناء هذا الوطن وتفتح لهم آفاق المعرفة، والعمل، والبناء.
ويمثل عضو هيئة التدريس في المؤسسات التعليمية حجر الزاوية في العملية التعليمية؛ لرفعة وبناء المجتمع، وتنمية موارده من خلال تنمية أفراده، لذا تحرص مؤسسات التعليم العالي على تحقيق المستوى الأفضل من الجودة في جميع مجالات عملها، ذلك أن استمرار حيوية هذه المؤسسات رهن بمدى مواكبتها للجديد، والمناسب للبيئة، وبمدى ما تحققه من نهوض معرفي، وما تقوم به من بحث علمي، وإشراف أكاديمي، وهي العناصر التي تشكل جوهر الحياة الجامعية. والجامعات محضن يتحقق فيه التطور، ويرتقي فيها الفكر، ويتقدم العلم، وتنمو القيم الإنسانية، ومن خلالها يزود الإنسان بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة.
تقوم رسالة الجامعات في العصر الحاضر بدور بالغ الأهمية في حياة الأمم والشعوب على اختلاف مراحل تطوّرها الاقتصادي والاجتماعي ، إذ لم تعد مقصورة على الأهـداف التقليدية من حيث البحث عن المعرفـة والقيـام بالتدريس ، بل امتدت الرسالة لتشمل كل نواحي الحياة العلمية والتقنية والتكنولوجية ، الأمر الذي جعل من أهم واجبات الجامعات المعاصرة هو أن تتفاعل مع المجتمع لبحث حاجاته وتوفير متطلباته.
وإن من ضمن أهم متطلبات المجتمع هو الوصول إلى مراتب عاليـة في ابتكار المعرفة المتقدمة والتقدم التقني والتكنولوجي، ولا يتم ذلك إلا بتفعيل رسالة الجامعات في تنشيط حركة البحث العلمي، وربط البحث العلمي في الدراسات العليا بقضايا التنمية وفتح قنوات التعاون والتنسيق والاتصال بين الجامعات وقطاعـات التنمية المختلفة .
يعتبر البحث العلمي الجامعي من ضمن أهم وظائف الجامعات في العصر الحديث، وذلك لما يقدمه من خدمات اقتصادية واجتماعية، ولأبحاث برامج الدراسات العليا في الجامعات أهمية كبيرة في دعم مسيرة التنمية الشاملة، ولذا تم التوصل بأنه لكي تسهم الجامعات في النمو الاقتصادي والاجتماعي ينبغي الاهتمام الفعلي الجاد بأبحاث الدراسات العليا وربطها بالاحتياجات الفعلية للتنمية.
بيد أن الجامعات البحثية لا تمثل نظاماً مؤسسياً فقط، بل تحتاج إلى منظومة فكرية وفريق عمل ذى طبيعة مغايرة، إذ يقع فريق هيئة التدريس في بؤرة الجامعات البحثية، حيث يتعين أن يحقق مستويات علمية متميزة ويعمل من منطلق قناعته بضرورة تعزيز قدرات البحث العلمي والتكنولوجيا في مجتمعاتنا العربية والاسلامية.
ختاماً لزاماً على جامعاتنا أن تشعر بتطلعات المجتمع وآماله وتوجهاته، حتى تكون معبرة عنها وواعية ومستجيبة لاحتياجاته، وعليها الاستجابة للاحتياجات الثقافية والعلمية والانسانية للمجتمع وذلك لكي تساهم بفاعلية في تنشيط البيئة الاجتماعية والعلمية والاخلاقية في المجتمع ومن ثم الارتقاء بمستواه الفكري وتكون المحضن المعرفي؛ ولغرض مساهمة الجامعات في حل المشكلات التي يتعرض لها المجتمع كان لا بد لها من تشجيع وتوجيه العاملين ومراكز البحوث وطلبة الدراسات العليا في مرحلتي الدكتوراه والماجستير بالاهتمام بإجراء البحوث التطبيقية التي تتلائم مع احتياجات المجتمع وتساهم في حل مشكلاته وفي مختلف جوانب الحياة العامة.