بقلم: الأستاذ الدكتور عمر علي الخشمان
تبلغ مساحة إقليم الجنوب حوالي 48 إلف كم2, ويقع هذا الإقليم بين طرفي خط طول 35-38 شرقا, وخطي عرض 29.2-31.2 شمالا, حيث تشكل مساحة الإقليم حوالي 48.2% من مساحة الأردن, وان هناك اختلاف في الأحوال الجوية السائدة في منطقة الإقليم فمثلا حوالي 65% من مساحة الإقليم يقل فيها معدل سقوط الإمطار عن 50 ملم/السنة, وان 1.6% فقط من هذه المساحة يتراوح معدل سقوط الإمطار فيها 250-350 ملم/السنة, إما درجات الحرارة فإنها تختلف باختلاف طبوغرافية المنطقة ومعدل درجات الحرارة الشهرية القصوى في هضبة معان يقرب 30º م بينما يبلغ هذا المعدل في المنطقة المنخفضة "منطقة العقبة" حوالي 33º م كمعدل في السنة.
إن أهم الإمكانيات المميزة للتنمية الاقتصادية الاجتماعية في الإقليم تتركز في إن هذا الإقليم يحوي المنفذ البحري الوحيد وهو ميناء العقبة وان الثروات الطبيعية على اختلاف أنواعها وأهمها الفوسفات, البوتاس, الاسمنت, النحاس والمنغنيز والأنواع المختلفة من أحجار البناء الموجودة بكميات كبيرة من الإقليم, كما إن الإقليم يحتوي على أنواع كثير من الخامات المعدنية ومصادر الطاقة المختلفة التي لا زالت بحاجة إلى مزيد من الدراسة والبحث والتنقيب.
إن دخل الفرد السنوي في الإقليم يعتبر منخفضا إذا ما قورن مع باقي الإقليم في المملكة لذلك فان توفير فرص عمل في المناطق الريفية يعتبر جزءا مهما من الاحتياجات الأساسية لهذه المناطق, حيث إن توفير فرص عمل يشكل العمود الفقري الاقتصادي لمعيشة السكان في المناطق الريفية والبادية, لذلك فان هناك احتمال كبير ان تتضاءل فرص العمل في القطاع الصناعي والزراعي في المستقبل وذلك لعدم توفر المياه بكميات كبيرة تتناسب والتطور الزراعي والاقتصادي في الإقليم, لذلك فأنة يتوجب على الحكومة القيام بعمل مشتريه مائية تشمل البحث عن مصادر للمياه وبناء السدود الترابية وتجميع مياه الإمطار ومعالجة المياه المالحة غي الطرف الغربي من الإقليم.
يعتبر الأردن من الدول التي بداءت باستغلال الطاقة المتجددة وهناك عدة مشاريع للطاقة المتجددة في الإقليم, كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح ويعتبر الإقليم منطقة مناسبة للاستفادة من الطاقة المتجددة وعملت الشركات على استقطاب الكثير من المؤهلين في الإقليم وقامت بتشغيل الكثير من الشباب العاطلين عن العمل وساعدت في تحسين مستوى الدخل لدى الإفراد, ونطمح إلى المزيد من الشركات التي تستثمر في قطاع الطاقة والتعدين للمساهمة في حل مشكلتي الفقر والبطالة والتي تتمثل في إقامة مشاريع صغيرة الحجم حيث تعتبر هذة المشاريع وسيلة اقتصادية لتوفير فرص عمل لأنها تمتاز بانخفاض نسبة المخاطر فيها وكذلك انخفاض كلفة توفير فرص العمل بالإضافة إلى مرونة الإنتاج وسهولة التغيير وانخفاض كلفة تسويقها, حيث يمكن تسويقها في السوق المحلية , وليست بحاجة إلى فرص للعمل ورفع مستوى المعيشة من خلال معدلات الدخول, فمثلا إنشاء مصنع للرخام في منطقة دلاغة -محافظة معان أو في منطقة القطرانة -محافظة الكرك لتلبية احتياجات الإقليم من الرخام من الممكن القيام به كمشاريع صغيرة وان الكلفة التقريبية لا تتجاوز 15 إلف دينار.
إن اعتماد التكنولوجيا المتطورة والحديثة ستؤدي إلى الاستفادة من الثروات الطبيعية والخامات المعدنية الموجودة في الإقليم من اجل الوصول إلى مستقبل أفضل في مجال التعدين والطاقة, لان التعدين صناعة لها أسس اقتصادية وصناعية, ونظرا لازدياد تكاليف المعيشة في الأردن, فقد ازداد الطلب على إقامة المباني والمساكن والعقارات وأصبحت هذه المباني والعقارات تستهلك الكثير من الأحجار والجرانيت والرخام, وما حجر معان إلا شاهد على تميز الأحجار في الإقليم,حيث يعتبر هذا النوع من أفضل أحجار البناء في العالم وخاصة من حيث النوع وانخفاض امتصاصها للماء, وقوة تحملها العالية, كما يحتوي الإقليم على صخور عديدة ذات طبيعة جمالية يمكن استخدامها كأحجار للزينة وإقامة المباني وذلك بعد صقلها, فالحجر الجيري المتبلور وناعم البلورات القاسي في منطقة الشوبك ما هو إلا مثل على الصخور التي يمكن استخدامها لحجر زينة مصقول وناعم وجميل. ومع تطور ونمو الاقتصاد سوف يتم استهلاك المزيد من مواد البناء والأحجار والرخام والجرانيت.
يمتاز الإقليم بظهور الجيولوجيا الأردنية المتميزة على مستوى العالم, حيث تظهر بصورة واضحة وفريدة وجميلة على مستوى العالم, ويستطيع الجيولوجي إن يرى كل العصور الجيولوجية المختلفة وكافة العصور وذا شي هام وضروري لمعرفة نشأة وتكوين الأرض وتقدير الخامات المعدنية. كما يمتاز الإقليم بالمناطق السياحية ذات طبيعة جذب سياحي, وذو معالم تاريخية جيولوجية حضارية هامة , وتوفر المواقع والأماكن العلاجية والدينية والأثرية المختلفة, كما يحتوي عل المياه الساخنة والتي تعتبر مناطق جذب سياحي وعلاجي لذلك يجب إن ينظر إلى هذا القطاع بأنة قطاع حيوي تنموي يستطيع إن يرفد الاقتصاد الأردني بالعملات الأجنبية.
إن الإنسان او العنصر البشري هو محور التنمية الاجتماعية الاقتصادية ويعتبر أهم هدف لتحقيق التنمية الوطنية الشاملة, وان التطور والتقدم في ذلك يعتمد على الإنسان, لذا جاءت الجامعات الثلاثة في إقليم الجنوب"جامعه مؤتة, جامعة الحسين بن طلال, جامعة الطفيلة التقنية" فقامت هذه الصروح العلمية الثلاثة بجهد مميز بتخريج جيل مميز من الجامعيين مميزا على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي أيضا واستطاعت هذه الصروح إن تخدم المجتمعات المحلية حسب إمكانياتها المتاحة, من هنا فلا بد من دعم هذه الصروح التعليمية من قبل الحكومة والقطاع الخاص لكي تقوم برسالتها الأكاديمية والتنموية السامية. وتوجيه هذه الصروح إلى التركيز على التعليم المهني والتقني فإذا ما استغلت هذه الصروح فإننا نستطيع إن نخرج جيلا مهنيا وفنيا متميزا على مستوى الوطن بال على مستوى الإقليم والعالم, كون هذه الجامعات مجهزة بالمباني والمختبرات المتطورة الحديثة. إن دور هذه الصروح التعليمية كبير وهام لتنمية الإقليم والعمل على إقامة روابط بين القطاعات التنموية المختلفة حيث ستكون هذه الجامعات حلقات وصل واتصال دائم ومستمر مع مختلف القطاعات المختلفة وبين القطاعين العام والخاص لكي تتمكن من خدمة وتنمية المجتمعات وتقديم رسالتها التنموية على أكمل وجه.
إقليم الجنوب له دور كبير وعظيم في التنمية الوطنية الشاملة لأنة متمم لدور بقية المناطق ويجب اعتباره المنطقة التي تستطيع إن تستقطب الاستثمار الصناعي لأنها البعد العميق والاستراتيجي الهام للوطن. إن المهمة الكبيرة التي تواجهنا اليوم ليست في تحديد وتقييم مصادر الطاقة والثروات المعدنية واستخراجها ولكن البدء في تصنيعها وتطويرها وامتلاك المهارات والقدرات العلمية المتطورة لتحقيق التقدم العلمي وزيادة الإنتاج بحيث يمس الإنتاج حياة المواطنين الذي يتوقف التطور والتقدم عليهم لتحقيق التنمية المتوازنة المستدامة.