بقلم: علاء القصراوي
رغم الحياة البائسة التي يعيشها بعض شعوب هذا العالم؛ إلا أنها لم تتوقف قط عن نضالها المستمر في التحرر من الإضطهاد والخوف والفقر.. بعضها تقاتل، وبعضها تترقب، وبعضها تموت، لكنها تتحد كلها برغبتها في العدالة والحرية والخلاص.
لقد ولدنا في زمن القهر.. ولدنا في زمن الذُل.. فانقلبت مفاهيم وتغيرت قيم وتحولت أفكار وإلتبس الحق بالباطل فوقعت الأمة في عثراتٍ مهلكة !
في زمننا هذا -زمن القهر العربي- يستبدل الناس التصريح بالتلميح، والتخصيص بالتعميم.. وذلك لضرورات الأمن وسلامة العيش !
وطننا العربي اليوم خراب هائل، حرب تلو حرب، وقتل يليه قتل، ونهب للثروات والأعصاب يليه نهب، ننام على كارثة ونسيتقظ على أخرى في زمن التجاذبات الإقليمية والعالمية.. لقد تبعثرت مقومات الكيان أو الدولة، وتعطلت مسيرته، ونمت في تربته وفضاءاته بذور التفكك والانهيار.
فالحرب التي تُعلن الآن وتمارس ضد أكثر من بلد عربي، هي حربٌ مُعلنة بالفعل على العرب المؤجلين القادمين من أقصى المستقبل !
شعورٌ مؤلم جداً ويجلب الحسرة من الأعماق أن ترى الحق رأي العين ولا تستطيع أن تنطق به ولا أن تنصره، والأصعب أن تتكسر الأقلام على أعتاب سطور الحقيقة الدامغة، وتمتلئ أفواه الحق بالماء فتبتلع غصة الضيم ولا تقوى على القول الصريح.. هذا هو القهر الذي يُعمي القلوب ويواري الضمائر ثرى الصمت والخوف.. إنه زمن القهر العربي، زمن توارت فيه الشجاعة وساد الجُبن ونكّس العدل رأسه وتعالت صيحات النفاق وغنّت شياطينه على أنغام الطبقة والمحسوبية !
لقد غيرت الثورات شكل الأوطان، فاتسع حجم السجن وإزدادت سلطة السجان، والشعب العربي ما زال محكوماً بالأمل، يعلقون على جدران المدن حنيناً لزمان مضى وآخر منتظر.
كل المظالم وقعت باسم الشعب وعلى الشعب، وباسم الحرية ألغيت كل حرية تحت شعار "لا حرية لأعداء الشعب"، نعم تحت الشعارات تُغتال الحقائق فيكسب القاموس كلمة ويخسر الواقع حقيقته، فالهدف الذي سعت إليه أنظمة القمع على مر الزمن العربي هو أن تتحول الشعوب إلى قطيع من الرعايا مسلوبي الإرادة محبوسين في سجون الخوف والإرهاب المستتر.
في أي زمن نحن ؟ هل في زمن وهج الظلام.. أم في زمن القهر والإستسلام.. أم في زمن البركان الثائر.. أم في زمن الإنسان الحائر.. أم في زمان الحوار بالنار.. أم في زمن حكم الأشرار.. أم في زمن التظليل والتطبيل.. أم في زمن الرداءة والعهر والعار.. أم في زمن الجهل والغباء.. أم في زمن موت الشرفاء.. أم في زمن إغتيال الثوار.. أم في زمن إجهاض الثورات.. أم في زمن الكذب والبهتان.. أم في زمن الجحود والنكران.. أم في زمن الخيانة والعمالة وبيع الأوطان.. أم في زمن صعود السفهاء.. أم في زمن إنحطاط الأخلاق.. أم في زمن الحسد والبغضاء.. أم في زمن القهر والظلم والفقر والحرمان وغياب إنسانية الإنسان ؟!.
هل من جواب من أهل الحكمة الرشيدة ؟ والموعظة العظيمة ؟ من أهل الفكر والعلم ؟ من حُفاظ الحديث والقرآن ؟ من علماء الدين وأهل البيان والتبيان ؟ من فطاحلة اللسان وفرسان الأقلام ؟ من عباقرة الفكر والإبداع وأصحاب الرأي السديد والعقل الرشيد ؟
هل من جواب من أهل الضلالة والبدع ؟ ومن أهل الكفر والإلحاد وحثالة الكذب والبُهتان ؟ مِنْ مَنْ بعتم المبادئ والقيم وتعيشون كالغنم ؟ من بعض مستشارين الحكام وشركاءهم في القهر والظلم والإجرام ؟ مِنْ مَنْ خنتم الأمانة وإرتكبتم الخيانة ؟
لا خير فينا ولا فيكم إن لم نقل كلمة الحق ونصغي لها، ما للمرء خيرٌ في حياة إذا عُدّ من سقط المتاع، ولا خلاص لنا من ذلك إلا أن نطلق هممنا التي إن إنطلقت مع حول الله وقوته، حققت المعجزات، واقتحمت الأهوال والصعاب، وكانت أهلاً لوعد الله سبحانه وتعالى حيث قال: "نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين" صدق الله العظيم، وقال علي بن أبي طالب (ض): "حينما سكت أهل الحق عن الباطل، توهم أهل الباطل أنهم على حق".