بقلم: سامي الوحش*
إنّ مـا يثيـر قلق المجتمع التّـربويّ الأردنيّ ظاهرة التّـسـرُّب " D TOPOUT " وقد يكون من الشّـائع الحديث عن هذه ظاهرة بالنّـسبة للمدارس في مرحلة التّـعليم الأساسيّ، لكنّ الجديد هو الحديث عن " التّـسرُّب " أو الهدر التّـعليميّ ( Educationa ) بالنّـسبة للمدارس في المرحلة الثّـانويّة، إنّ ما أعرِضُـه هو نتاج تجرِبة وملاحظة استمرّت مدّة طويلة في قطاع التّـعليم، متمثِلاً مقولـة راعية التّـعليم في الأردنّ جلالة الملكة رانيا العبد الله المعظّـمة : " أيُّـها المعلّـمونَ الكرامُ ... أنتـم خطُّ الـدّفاعِ الأوّل لدحر أعداء الإنسانيّة " .
( ... أنْ تُـدركوا أهميّـة مواقعكم وحساسيّـتها، فأنتم المؤتمنونَ على عقولِ أبنائنـا ) .
لقد ضربتْ هذه الكلماتُ على وترٍ حسّـاسٍ في نفسي ممّـا دفعَـني إلى توثيقِ بعضِ تجارِبي في هذا المجال، والّـتي أرجو من اللهِ أنْ تُـحقِّـقَ الفائدةَ للزّمـلاءِ في الميدانِ وللمسؤولينَ في وزارة التّـربية والتّـعليم .
لقد عرّف أغلبُ الباحثينَ ومنظمةُ اليونسكو ( التّـسرُّبَ ) بأنّـه عدمُ إكمالِ الطّـالبِ مرحلة تعليميّـة معيّـنة تمَّ قيدُهُ فيها .
أسباب التّـسـرّب من وجهة نظري الشّـخصيّة :
1 – قد يُفاجئُكُم ذلك، لكن عدم نظافة الحمّـامات تلعب دورًا مهمّـًا في تسرُّبِ الطّـالبِ .
2 – عدم متابعة غياب الطّـالب مع الأهل من قِبَلِ المدرسةِ .
3 – نقص الموارد، وعدم صيانة الأثاث والمدرسة في مدارسنا الحكوميّـة .
4 – بعض المدارس لا يوجد فيها أبواب للغرف الصّـفيّة وللسّـاحات ممّـا يسهّـل هروب الطّـالب
5 – يجب على كلّ مربّي صفّ دراسة ملف الطّـالب لمعرفة التّـطـوّر الأكاديميّ والانفعاليّ والاجتماعيّ للطّـالب ؛ ليتمكّـن من تقديـم تقريرٍ للإدارة المدرسيّـة، يتنبأُ فيها بالحالات الّـتي يمكن أنْ تتسـرّبَ من المدرسة .
6 – عدم تفعيل حصص الرّيـاضة، وعدم وجود حصص خاصّـة للفنّ في المرحلة الثّـانويّة، وخاصّـة الموسيقى والرّسـم والتّـمثيل، بحيث يُفرِّغ الطّـالبُ طاقتَـه ويشعر بالسّـعادةِ أكثر لوجوده في المدرسة .
7 – انخفاض دخل الأسرة والفقر يدفعانِ هذه الأُسَرَ إلى تشجيع أبنائهم على العمل وترك المدرسة وخاصّـة الذّكور .
8 – التّـفكّك الأُسَـرِيّ، وتُـسَـتُّر الأمِّ أحيانـًا على سلوك الابن، وعدم إبلاغ الأب بما يحدث مع ابنهما .
9 - عدم أو ضعف متابعة التّـحصيل العلميّ للأبناء في سنوات ما قبل المرحلة الثّـانويّـة .
10 – أحيـانـًا أسباب نفسيّـة تتـعلّق بعدم ثقة الطّـالب بنفسه، وشعوره بالـدّونيّة ؛ فيلجأ إلى تكوين ثقافة خاصّـة به تتضمّـن التّـمرُّد على قيم المجتمع وعاداته .
11 – التّـرفيع التّـلقائيّ، حيثُ يصلُ الطّـالبُ إلى المرحلة الثّـانويّـة وهو لا يقرأ ولا يكتب ؛ فيشعر بالضّـعف وأنّـه غير قادرٍ على المنافسةِ، فليجأ إلى الهروب من المدرسة .
12 – جذب بعض أندية البلياردو ومقاهي الإنترنت الشّـباب الصّـغار إليها في أوقات الـدّوام حيثُ يمارسُ الطّـالبُ حرّيّـته في متابعة وإدمان الأفلام الإباحيّـة وألعـاب الفيديو، لذا يجب على المسؤولين وضع رقابة على هذه الأماكن وعدم السّـماح لها باستقبال الطّلاّب خلال ساعات الـدوام المدرسيّ .
وبعد أن وضعنا أصابعنا على الجرح لابد من العلاج لنجعلها سببا في الحل فيعالج الخطأ ويقوّم الاعوجاج وأعلم أن جلوسك مع الطالب ونصحك له من أهم العلاج فالطبيب يستمع للمريض قبل إعطائه الدواء، كي يكون الدواء دقيقا، فلكل طالب أسبابه الخاصة، ومن طرق العلاج عرض نماذج تمّ معالجتها من الطلاب لينصحوا زملائهم فمن خاض التجربة يعرف مرارتها.
عقد دورات للمعلمين والمرشدين بكيفية التعامل مع هذه الظاهرة .
أيها الزملاء إنه داء خطر له قناع لا يكشفه إلا المختص ولا يستطيع علاجه إلا أنتم، فابذلوا جهدكم وأجركم على الله تعالى.
وأخيرًا : الكلمة الطّـيّـبة صدقة، أخي المربّـي .. أختي المربّـية، كن الملاذ الآمن والحضن الـدّافئ لطلابك .. افتح لهم بابك .. وابحث عن وسائل للتّـواصل معهم .. فلن يساعدهم أحدٌ غيرك .
* مدير مدرسة حنين الثانوية