بقلم: سامي الوحش
إنّ التّـعبير بلغة سليمة يحتلّ منزلة كبيرة في حياة المتعلّـم وغير المتعلّـم ، فهو ضرورة من ضرورات الحياة ، إذ لا يمكن الاستغناء عنه ؛ لأنّـه وسيلة الاتّـصال بين الأفراد ، وهو الّـذي يعمل على تقوية الرّوابط الفكريّـة والاجتماعيّـة ، وبه يتكيّـف الفرد مع مجتمعه ، وبه ينتقل التّـراث الإنسانيّ من جيل إلى جيل .
والتّـعليم هو أنْ يصبح المتعلّـم قادرًا على أداء المطالب أو الوظائف والمهام الّـتي يتطلّـبها المجتمع .
ومعنى هذا أنّ مراحل التّـعليم العام ينبغي أنْ تتجه لتعليم اللّغة ، وتمكين الطّـلبة من أداء جميع ألوان النّـشاط اللّـغويّ ؛ محادثة ومناقشة وكتابة وقراءة ، لذا يجب أنْ نلجأ إلى تغيير جوهريّ في منهج تعلُّـم اللّـغة العربيّة في مراحل التّـعليم المختلفة وربطها في ميادين الحياة المختلفة ، ومواكبة التّـقدُّم العلميّ والتّـكنولوجيّ الهائل .
لقد لمستُ من خلال تجربتي كمدير لإحدى مدارس التّـعليم العام ضعفـًا كبيرًا عند الطّـلاّب في اللّـغة العربيّـة قراءة وكتابة ومحادثة ، لقد أثارت هذه الملاحظة شجوني ، ودفعتني مقتديـًا بمقولة جلالة الملكة رانيا العبد الله المعظّـمة :" ... لذا أدعوكم أيّـها المعلّـمون الأفاضل أنْ تقودوا النّـهضة التّـعليميّة من داخل صفوفكم ، وأنْ تمدّوا أياديكم إلى المجتمع من حولكم ... لتدعوهم إلى المشاركة بنهضة التّـعليم " ، فدفعتني إلى البحث حول أسباب هذه الظّـاهرة ، فلاحظتُ مجموعة من الأسباب تقف وراء هذا الضّـعف ، وهي :
• بيئة البيت ، حيث يؤثّـر فقدان الطّـالب لأحد الوالدين أو كليهما على مستوى الطّـالب الدّراسيّ في مرحلة التّـعليم الأساسيّ .
• التّـوتّر والمشاحنات بين الوالدين تؤثّـر على مستوى تحصيل الطّـالب .
• تدنّـي مستوى الدّخل للعائلة ( الفقر ) .
• تدنّـي مستوى تعليم الأبوين .
• عدم التّـحدّث باللّغة العربيّة واستخدام لغة أجنبية داخل المنزل .
• عدم متابعة الأهل للطّـالب والتّـواصل مع المعلّـمين .
• التّـرفيع التّـلقائيّ للطّـالب بدون إتقانه للمهارات الأساسيّة في اللّـغة .
• عدم متابعة المعلّـم في مراحل التّـأسيس لأخطاء الطّـالب القرائيّة والكتابيّة وتصويبها .
• جمود المنهاج وعدم ربطه في الحياة اليوميّة والاحتياجات الّـتي تهمّ الطّـالب .
• إهمال بعض الحالات المرضية وعدم علاجها أو الانتباه لعلاجها متـأخّرًا ، مثل ضعف البصر وضعف السّـمع .
• عدم وجود أنشطة داعمة في المدارس ، كالنّـشاط الثّـقافيّ أو الإذاعة المدرسيّة وإن وُجِدَ فهو غير كافٍ .
• استخدام اللّـغة العاميّـة عِوَضـًا عن الفصحى خلال الحصص الصفيّـة .
هذه بعض الأسباب الّـتي وجدتها بعد دراسةٍ للمشكلة ، وأُحِبُّ أنْ أقترح بعض الحلول لهذه المشكلة ، لعلّ وعسى أُسْـهِمُ بإيجاد حلٍّ لهذه المشكلة ، ومن هذه الحلول :
• إعادة دراسة مناهج اللّـغة العربيّة ليجذب الطّـالب أكثر ويعطيه زخمـًا أكبر من الفائدة .
• تشجيع التّـواصل بين الأهل والمدرسة لخدمة الطّـالب .
• إعادة النّـظر ببرنامج التّـرفيع التّـلقائيّ وإعطاء أهميّـة خاصّـة لإتقان اللّـغة العربيّـة قراءة وكتابة من خلال امتحانات خاصّـة تُـلزم الطّـالب على إتقان اللّـغة العربيّة قراءة وكتابة قبل الانتقال إلى صفٍّ جديد .
• زيادة متابعة معلمي اللّـغة العربيّـة وخاصّـة في مرحلة التّـأسيس من قبل وزارة التّـربية والتّـعليم ، وتدريب المعلّـمين بشكل مستمرّ .
• زيادة البرامج والأنشطة الدّاعمة للّـغة العربيّة لجذب الطّـلاّب للغتهم الأمّ .
• التّـشجيع على القراءة خاصّـة لطلاّب المرحلة الأساسيّة عن طريق العودة إلى المكتبة المدرسيّة ، وعدم التّـأثّـر بالأجهزة الإلكترونيّة .
فأرجو من الجميع الاهتمام بهذه القضية الحساسة ، والّـتي تُـشكِّل حاجزًا كبيرًا أمام تقدُّم أبنائنا الطّـلبة في المرحلة الثّـانويّة ، فهذا واجب أخلاقيّ ووطنيّ ، علينا أنْ نوليه جُـلَّ الرّعاية والاهتمام .