بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
اشرت الاحداث التي ضربت المنطقة منذ2011 بان بعض ابناء جيلنا العربي (والاردني) غير محصن من الاستهداف الخارجي ، الذي نجح في تحقيق اختراقات متعددة في عقول هذا البعض وادمغته بطريقة زعزعت ثقته بنفسه وبالمحيط الذي يعيش فيه ، فاصبح اسير المعلومات التي يقدمها له الخصوم والاعداء ، دون ان يتحقق من صحتها او يقف على ابعادها ومراميها ، وذلك بغض النظر عن علمه وثقافته وخلفيته العملية التي ثبت ضعفها وهشاشتها بعد ان بات فريسة سهلة للاجندات الخارجية والترويج لها عبر وثوقه بمصادرها وتبنيها وتمرير معلوماتها المسمومة ، حتى ثبت سطحية وضحالة تفكيره ، رغم انه يدعي الفهم والادراك لحقيقة ما يجري حوله ، فاذا به أخر من يعلم وغريب عن الواقع مع كل أسف ، حتى تحول الى خنجر مسموم في خاصرة الامة ( والوطن ) لانه لم يعرف عدوه ، الذي نجح في الاعداد جيدا لحربه الإعلامية والمعلوماتية والنفسية ضدنا ، وجعل منا اداوت إعلامية تردد وتنقل ما يريده منا ، لتكريس الفرقة والفتنة في صفوف امتنا ، بعد ان اعتمدناه مصدرا عليما وموثوقا لمعلوماتنا . ويكفي مشاهدة كيف نتسابق في نقل مادة إعلامية مغرضة تستهدفنا ، ونساهم في نشرها فقط لان مصدرها خارجيا ، تأكيدا على هزيمتنا الذاتية وفقدنا الثقة بانفسنا بغض النظر ـ مرة أخرى ـ عن مستوى علمنا وثقافتنا .
ساعد على هذا الاختراق انقسامنا الى اتجاهات وتيارات متعددة ومختلفة ، دينية وقومية ويسارية وليبرالية وغيرها ، جعلت من التباين والاختلاف السمة الغالبة على مواقفنا من قضايا امتنا ( ووطننا ) ، لنكتشف حجم الثغرات الموجودة في جدار وحدتنا (المزعومة) ، حتى تحولت معركتنا في التصدي للاجندات الخارجية الى معركة مواقف كلامية داخلية أكدت لنا عمق الفجوة في مواقفنا ، وحاجتنا الى وقفة طويلة مع الذات (القومية) حتى نتصالح مع انفسنا ونوحد موقفنا وجبهتنا قبل ان نقرر الدخول في مواجهة مع الاخر ، الذي عرف كيف يضرب على وتر خلافاتنا القومية والدينية والسياسية والثقافية التي باتت شغلنا الشاغل بعد ان احتلت الأولوية على اجندة اهتماماتنا العروبية . ويكفي ان نطرح قضية عربية للنقاش او نبدي رأيا او موقفا في ازمة من الازمات التي تعاني منها المنطقة العربية عبر وسيلة من وسائل الاعلام ، كالازمة السورية او العراقية او اليمينة او الليبية لنكتشف حجم التباعد في المواقف بين أبناء الامة الواحدة . هذا ان لم نتعرض لهجوم شخصي وربما الشتم او الردح من هنا وهناك ، لمجرد ان كل واحد منا يدعي ان رأيه او موقفه هو الصواب ، وانه دون غيره يمتلك الحقيقة كاملة غير منقوصة .
ان بيئتنا المعلوماتية هشة ومخترقة ومهيأة لغرس بذور الفرقة بيننا على وقع معرفة عدونا بعيوبنا ونقاط ضعفنا ونجاحه في توظيفها واستغلالها في خدمة أهدافه ومصالحه واجنداته . في تأكيد على ان مشوارنا طويل من اجل توحيد مواقفنا والانتصار لقضايا امتنا وهزيمة ما بداخلنا من عقدة ثقتنا الزائدة بالمصدر الخارجي .