بقلم: علاء القصراوي
بين ليلة وضحاها إستفقنا على خبر إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعتها وحصارها لقطر، فلحقت بها بعض الدول وأعلنت تأييدها ومقاطعتها لقطر، فيما بعض الدول رفضت ذلك وساندت قطر سياسياً وعسكرياً وتجارياً، ودول أخرى إلتزمت قدر الإمكان عدم الإنحياز لأي جانب.
بدأت القصة والأحداث قبل تاريخ المقاطعة بعدة أسابيع، حيث بدأت وسائل الإعلام المختلفة في الجانبين تسريب لمعلومات سرية عن الطرف الآخر، فقامت كل جهة إعلامية "حكومية أو ممولة" من كل جانب بإبراز والكشف عن "الخيانات" للطرف الآخر -كما إدعت كل جهة- وبدأت مسرحية غريبة تحدث في منطقة من العالم غنية إقتصادياً وقريبة جغرافياً ونوعاً ما متشابهة عقائدياً من بؤر الاقتتال بالشرق الأوسط، أبطالها دول وحكومات ومنظمات وجماعات وأحزاب وغيرها، مسرحية تحتاج بالتأكيد للمال من أجل الإستمرار، ولوسائل الإعلام من أجل التأثير على الرأي العام، وإلى الممثلين الموكل لهم القيام بإدارة أدوارهم في المرحلة القادمة، وكل هذا يدور ويحصل فقط في منطقة الشرق الأوسط والذي يبدو أنه سيصبح جديداً !!.
كثرت الأخبار وتسارعت في هذه الفترة بوتيرة تجعلنا نتساءل عن سرها وخاصة إذا ما قمنا بمتابعة النشرات الإخبارية يومياً في هذه الفترة تحديداً، بدأت داعش بالإندحار عن الموصل بيد الجيش العراقي، القصف والضغط اليومي لداعش في سوريا وقتل الزعماء والقادة لهم، تنقلات ميدانية عسكرية وتحريك لقطع عسكرية في أكثر من دولة، إنشاء قواعد عسكرية جديدة بالمنطقة وتعزيز القواعد العسكرية الموجودة منذ سنوات، وصول حاملة الطائرات الأمريكية والأكبر لميناء حيفا بفلسطين المحتلة، تغيرات في المنطقة لدور وترتيب الساسة والأمراء، تغير لخرائط جغرافية لبعض الدول والتنازل عن جزر لصالح دولة أخرى دون معرفة السبب الحقيقي وراء ذلك، أخبار قديمة جديدة عن إنشاء قناة بين البحرين الأحمر والمتوسط لمصلحة إسرائيل، إجتماعات تعقد بين وفود عربية وصهيونية بالمهجر هدفها توطيد العلاقات بينهم والتسريبات عن تطبيع قادم بين دولة خليجية وإسرائيل، إشغال عديد من الدول بقضاياها الداخلية التي ستبعدهم عن الساحة والتأثير في المسرحية، أرقام فلكية بمئات المليارات تخرج من الوطن العربي بحجة الإستثمار، قوانين وتشريعات جديدة في بعض الدول ستغير بالتأكيد من التركيبة السكانية فيها، إنقلاب لمواقف بعض الدول في الإهتمامات والأولويات وتصنيف الأحزاب والجماعات وغيرها، تحالفات داخلية وأخرى خارجية بين الأفراد والجماعات والدول !
كل ذلك بدأ منذ أسابيع ومستمر بالوقت الحالي على مسامعنا وأنظارنا، وسيستمر حتى إكمال هذا المخطط الجديد المزمع إنشائه بمنطقتنا، فدول مجلس التعاون الخليجي كالميزان، الكويت وعُمان "قاعدة الميزان"، السعودية والإمارات والبحرين "الكفة اليُمنى"، وقطر "الكفة اليسرى"، والدول المؤيدة أو المعارضة هي الأوزان التي يتم إستخدامها لإمالة الكفة المستهدفة بين الحين والآخر، وباقي دول العالم تشاهد وتراقب تلك المسرحية وتتدخل إحداها عندما يأتي دورها كما هو مخطط لها ومتفق عليه منذ البداية !
نعم إنها للأسف "مسرحية المقاطعة العربية - العربية" وأكاد أجزم بأنها التطبيق العملي على أرض الواقع لشرق أوسط جديد، تقوم بها الدول العربية المشاركة في الخلاف الظاهر للعلن على أنه تعارض للمصالح بينهم على 13 بند وردت في المطالبات، وكل ذلك بالإتفاق مع العديد من الدول الأخرى مثل إيران، تركيا، أمريكا، روسيا، بعض الدول الأوروبية، وإسرائيل.
ستنتهي هذه المسرحية التي سميت بالمقاطعة، وسينتج عنها شرق أوسط جديد، برعاية أمريكية - روسية - إسرائيلية، وسيسجل التاريخ ذلك، وتبقى الأقلام التي ساهمت في عرض المسرحية بين مؤيد ومعارض، والأقلام التي إنعزلت عن قول الحق بصمة على جبين التاريخ العربي الحزين، وسيكون الخاسر الأكبر هو الشعب الفلسطيني ومن معهم ويؤيدهم وكل شعوب دول الربيع العربي، وبالتأكيد الرابح الأكبر هي إسرائيل.