بقلم: د . هايل ودعان الدعجة
ربما لا توجد منطقة في االعالم تعاني من فوضى وازمات وأوضاع صعبة مثل منطقتنا التي ارهقتها هذه الويلات والمصائب ، فلا تكاد تمضي ازمة الا وتحل مكانها ازمة اخرى ، باعتبارها مشبعة بالعوامل والظروف المساعدة على اظهارها واثارتها وبالوقت المناسب الذي يقرره غيرنا ، كونها تمتلك الكثير من الثروات والموارد التي يستهدفها هذا الغير ، لتعزيز حضوره ومكانته ونفوذه في الساحة الإقليمية والدولية على حساب دول المنطقة ، التي عليها ان تبقى تعيش في دائرة الخلافات والتوترات القابلة للاشتعال في الوقت الذي يقرره غيرنا ، الذي يمتلك الاسباب ( المفاتيح ) لتثويرها وبما يتناسب ومصالحه . ما يعني ان دول المنطقة مهيأة للتدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية مع وجود الكثير من المبررات التي تبرر هذا التدخل وبضوء اخضر داخلي . ولو اسقطنا هذا الكلام على الأقطار العربية والإسلامية ، لوجدنا انها ورغم ما تمتلكه من عناصر قوة ووحدة ، الا انها مخترقة ويعاب عليها كثرة الخلافات فيما بينها ، بطريقة أسهمت في تباعد مواقفها حيال قضايا وملفات مشتركة ، وبات من الصعب عليها التوافق والتفاهم على موقف معين من شأنه ان يعكس وجهة نظر موحدة ، تجعل الاخر يحسب لها حساب ، بدلا من التسلل من ثغرة الخلاف ، والتعاطي مع كل قطر على حده ، وبلغة لا تخلو من التحريض واثارة الفتن بين اقطار المنظومة الواحدة حتى تبقى دائما بحاجة الى مساعدة الغريب على القريب . وهذا بالضبط ما يحدث في منطقتنا التي عليها ان تبقى دوما مشغولة بالاقتتال والحروب وغيرها يبحث عن وسائل التقدم والتطور ، لتحقيق المزيد من المكتسبات الحضارية والعصرية . واذا ما تم التفكير بعقد قمة او ملتقى عربي او إسلاميمثلا ، فان الاهتمام ينصب على معرفة مستوى التمثيل ، وما اذا كان على مستوى الزعماء ام اقل من ذلك . ما يعكس الانطباع لدى الكثيرين بوجود خلافات واجواء مشحونة بين قيادات بعض الدول العربية والاسلامية .
واللافت ان هذا الاخر اذا ما استهدف دولة عربية او إسلامية عمد الى تنفيذ مخططه بايدي عربية وإسلامية ، واذا بالجميع بدائرة الاستهداف كما حصل مع العراق أيام الرئيس صدام حسين ، عندما انضم ( الاشقاء ) الى حلف الأعداء ، واسهموا بهدم الجدار العراقي الدفاعي الذي كان يحميهم من ايران ، التي شعرت بان الأمور باتت مهيأة لتنفيذ مشروعها الطائفي في المنطقة .
والملاحظ أيضا ان هذه العدوى انتقلت الى الشعوب العربية والإسلامية ، ويكفي ان تطرح قضية عربية او إسلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثلا او أي وسيلة اتصال أخرى ، لتكتشف التباين والاختلاف في المواقف ، وصعوبة التوافق على رأي واحد ، فاذا بنا امام معركة كلامية شرسة كفيلة باعطائنا فكرة عن حجم الخلافات الداخلية ، حيث يدعي كل طرف انه يمتلك الحقيقة وانه على صواب ، وما يطرحه يمثل الراي السديد وعلى بقية الأطراف اعتماده وتبنيه . حتى ان بعض اطراف هذا النزاع ، لا يتوانى عن الاستشهاد بمصادر خارجية إسرائيلية وغربية ، لدعم موقفه وتعزيزه . الامر الذي يمكن ان يستدل عليه من طرح قضايا عربية للنقاش على طاولة وسائل التواصل الاجتماعي ، كالقضية الفلسطينية والموقف من فتح او حماس .. من مفاوضات السلام او المقاومة . وهناك أيضا الازمة السورية والموقف من النظام السوري او المعارضة ، والأوضاع في العراق والموقف من السنة والشيعة والاكراد ، دون ان نغفل الموقف من ايران واذرعها الطائفية كحزب الله وجماعة الحوثي والحشد الشعبي . إضافة الى الموقف من الازمة الخليجية الأخيرة التي تفجرت على وقع قيام كل من السعودية والامارات والبحرين ومصر بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر .
ما يؤكد ان المشكلة فينا نحن ، وان الاجواء الداخلية مهيأة لتمرير اجندات خارجية ، وتنفيذ حروب خارجية تستهدف امن الأقطار العربية والإسلامية ووجودها واقتصادها وثرواتها وخيراتها ، فعندما تكون في صف الأعداء ضد اقطار شقيقة وصديقة ، فلا عجب ان تكون الهدف القادم على قاعدة اكلت يوم اكل الثور الابيض !! .