بقلم: الفريق الركن المتقاعد حسين
الحواتمه
تنص اتفاقيات الأمم المتحدة، و التي
أقرتها و اتفقت عليها الدول الأعضاء ،على ضمان حقوق الطفل و الالتزام بحمايتة من
التعذيب والتمييز و الاستغلال و تعريضه لمختلف الاخطار ، بالإضافة إلى تقديم
الرعاية الشاملة له، و تأمين الحماية القانونية بكافة اشكالها، لضمان عدم استخدامه
في الصراعات، و النزاعات المسلحة، وإعداد
الطفل ليحيا بروح المثل العليا المعلنة
في ميثاق الأمم المتحدة.
وقد شاهدنا و سمعنا عن كثير من هذه
الممارسات ضد الأطفال في دول المنطقة نتيجة ما سمي بالربيع العربي و الحروب
والصراعات الدائرة و تعدى ذلك الى حرمان
اجيالا كاملة من حقها في التعليم و من هنا
لابد من دق ناقوس الخطر لمعالجة هذا الخلل و الذي تعدى مرحلة التحدي ليصبح تهديدا
حقيقيا واضحا ليس للدول التي شهدت صراعات او حروب بل الى جميع دول إقليم الشرق
الأوسط , و بما أن الدولة تؤثر و تتأثر بجوارها الجغرافي بل تعداه الى تأثرها بالجوار الاستراتيجي و
الذي اصبح تحديا لكل دول العالم و خصوصا مع التقدم الصناعي و التكنولوجي و سرعة
وسائل الاتصالات و المواصلات , فماذا نتوقع من أجيال لم تحصل على رعاية نفسية
وصحية وفرصا للتعليم ؟ و أن حصل بعضها على
قسط يسير من التعليم فقد كان او لا يزال على يد جماعات إرهابية مثل داعش و القاعدة
و غيرها من الجماعات الإرهابية و المتشددة و التي لا تؤمن الا بالعنف و التطرف و
اقصاء الاخر و عدم أحترام التباين الديني و العرقي و الثقافي و ما إلى ذلك من
فروقات , أما إذا ما حاولنا إحصاء إعداد الأجيال التي لم تنعم بطفولة بريئة أو عدم
الحصول على فرصة التعليم فأاعتقد أنها كبيرة و أترك المجال للمؤسسات الإقليمية و
الدولية لتحديد الأعداد و الأعمار و الجنس , و أذا ما ترك الحبل على الغارب دون
خطط عمل وبرامج استراتيجية واضحة المعالم
والخطوات
فأن الخطر قادم و أقصد هنا الإرهاب بمختلف اشكاله و العنف و الفوضى بسبب
الجهل والأفكار غير السوية و التنشئة غير الصحيحة لأجيال بأكملها في الدول التي
أثرت عليها تداعيات الحروب و ما يسمى بالربيع العربي و المعروفة للجميع , و الكل
يجمع على أن انجع الطرق لوقف هذا الخطر القادم هو البدء بوضع استراتيجيات تربوية
وتعليمية ضمن مسارات دقيقه وقابلة للتطبيق على أرض الواقع
مع تصحيح المفاهيم الدينية التي شوهتها قوى
الظلام والتطرف و من ثم البدء بتطبيقها ضمن منهجيات عمل ومؤاشرات قياس وأداء تفضي
الى تحقيق مخرجات عملية.
و أقتبس من كتاب جلالة الملك فرصتنا الأخيرة في
الصفحة 332 ( لعل أمضى الأسلحة التي يمكن أن نمتشقها بوجه التكفيريين اثنان ,
التعليم و فتح مجالات الإنجاز أمام الأجيال الطالعة , وهذا لا يعني فتح المزيد من
المدارس و الجامعات فحسب , و لكن أيضا تحسين نوعية التعليم الديني ) و بما أن
الأردن رائدا في مجال التعليم و نوعيته وجودتة و كان و لا يزال له دورا كبيرا و
محوريا في النهضة التعليمية في المنطقة فمن المناسب أن تتولى منظمة الأمم المتحدة
و من خلال مؤسساتها المختصة هذا الموضوع و ايلائه الاهتمام الكافي و على وجه
السرعة و بدعم من كل دول العالم من خلال انشاء مؤسسة مختصة بهذا الجانب يكون مقرها
الأردن , و على أن تشرف عليه وزارتي
التربية و التعليم و الأوقاف والشؤون المقدسات الإسلامية و الجهات المختصة
و المرجعيات المسيحية ذات الاختصاص و
برعاية مباشرة من مؤسسة القصر , لا أنكر أن مثل هذا المشروع المهم مشروع حيوي
وكبير
يحتاج الى الكثير من التمويل و الجهد والتخطيط ولكن كلفة ذلك ستكون اقل بكثير من كلفة
الإرهاب و الفوضى و العنف التي ستعم الإقليم و سرعان ما ستنتقل الى مختلف دول
العالم ، و في الختام فأنني ادعوا دول الإقليم و العالم دعم الأردن ماليا و
لوجستيا للقيام بهذا الدور لحماية الإقليم و العالم، من خطر أجيال الضياع، ان تم تركها تواجه مصيرها
و نتذكر أن أي خلل في دولة سيؤثر على دول الجوار و وتختل باقي الدولة مما يؤثر على
كافة دول العالم و صولا الى زعزعة الامن
العالمي ، و لا بد من الخروج من
فكر مأساة الشيوع common tragedy، والتي عانت منها دول العالم ردحا من الزمن نتج
عنها كوارث كثيرة و على رأسها التغيير المناخي و الجفاف و التصحر و انتشار الأمراض
و الأوبئة و غيرها من التحديات التي يعيشها عالمنا اليوم .
حفظ الله الأردن و قيادتنا الهاشمية الحكيمة
التي عبرت بالأردن إلى بر الأمان في كثير من التحديات ليصبح جزءا من الحل و يضمد
جراح الاشقاء و يعيد الأمور الى نصابها عندما تختل الموازين حتى أصبح الأردن بسياساته الحصيفة مفتاحا لكل كافة
القضايا العربية والإسلامية وحجر الزاوية في تحقيق أمن و استقرار المنطقة برمتها.