بقلم: زيدون الحديد
في كل صباح، عندما تشرق الشمس على عمان، تبدأ
رحلتي اليومية الى مكان عملي، تلك الرحلة القصيرة في الحقيقة والبعيدة في الواقع،
والتي تتحول إلى تحدٍ مستمر، مع أول خيوط الضوء، فأستعد للخروج من منزلي، عازمًا
على مواجهة يوم آخر من العمل، لكن ما كان من المفترض أن تكون بداية يوم عادية
تتحول إلى اختبار لصبري.
فعندما أخرج من منزلي متأملاً في اليوم الذي
أنتظره كعادتي متفائلا نشطا، أعلم انني ذاهب إلى رحلة لن تكون سهلة، ففور مغادرتي
منزلي، أجد نفسي عالقًا في أزمة خانقة على «الشوارع الرئيسية»، فهذا المشهد يتكرر
يوميًا كسيناريو يبدو وكأنه لا ينتهي، وفي كل مرة أتوقع فيها أن أصل في الوقت
المحدد للعمل أو للاجتماع الذاهب اليه، ينزلق الوقت ببطء، وتصبح الدقائق أنصاف
ساعات دون مبالغة.
وأقولها بصراحة إن وصولي الى مكتبي اصبح يشكل لي
هاجسا يؤرقني بسبب الاختناقات المرورية، وازدحام السيارات الذي لا يتوقف، ففي كل
حركة مرور صغيرة تبدو وكأنها تحدٍ جديد، وكل محاولة لتجاوز عقبة تجلب معها أخرى،
فالأمر لم يعد مقتصرًا على حركة المرور في الشوارع الرئيسية فقط؛ بل أصبحت الطرق
الجانبية أيضًا مزدحمة، وأحيانًا أكتشف انني عالق في ازمة حتى على الطرق التي
أعتقد أنها ستخفف عني الضغط.
الطريق الى العمل ليس وحده هو الذي أعاني منه
كباقي المواطنين، بل أيضًا اجد صعوبة في الذهاب الى الاجتماعات الخارجية التي كان
من المفترض أن تكون سلسة، أحيانًا نتيجة توقيتها في منتصف النهار، إلا انني أضطر
للتأخر عن مواعيدي أو حتى إلغاء بعضها بسبب الازدحام الشديد، ففي بعض الأحيان أشعر
بالإحباط حين أتلقى مكالمات استفسار عن سبب التأخير، وفي الحقيقة لا أملك أي سيطرة
على ما سيحدث على الطريق حتى لو خرجت مبكرا، فالأمر في الحقيقة اصبح مصدر قلق
بالنسبة لي ولغيري.
دعوني أكمل لكم ما يدور في خاطري، فمع مرور
الوقت، بدأت تتزايد تساؤلاتي حول كيف سيكون الوضع في السنوات القادمة إذا استمر
الوضع على حاله؟ وأتخيل هنا مدينة عمان في المستقبل القريب، حيث تصبح الطرق أكثر
ازدحامًا، ويصعب الوصول إلى أي وجهة، فأتخوف اليوم أننا لن نستطيع دخول عمان بسهولة
التي نراها صعبة علينا اليوم، فتصبح من المستحيل او ضربا من الخيال دون مبالغة!،
وأتساءل عما إذا كان هناك أي أمل في تحسين الوضع.
فكلما أعاني يوميًا من أزمة السير، أحاول البحث
عن أمل في الحلول الممكنة، وأتمنى أن تستجيب الجهات المعنية للتحديات المقبلة
والتفكر في حلول فعالة واكثر ديناميكية، مثل تطوير البنية التحتية، وإنشاء أنفاق
وجسور دائرية عملاقة تستطيع حل المشكلة، بالإضافة الى تعزيز وسائل النقل العامة
بشكل اسرع واكثر حداثة، والاخذ بعين الاعتبار الحلول التي يمكن ان نعتمدها من دول
أخرى مثال مصر وتجربتهم في تلك «الكباري» والانفاق لنحسن التدفق في حركة المرور
بعمان او حتى غيرها من المحافظات المختنقة.
في الختام سردت قصة رحلتي ومعاناتي التي تعكس
واقع الكثيرين في عمان وغيرها من المحافظات الكبيرة، الذين يواجهون يوميًا تحديات
كبيرة بسبب أزمة السير، لكنها أيضًا تبرز الحاجة الماسة لحلول عملية ومبتكرة
لتحسين الوضع المروري في المملكة.