بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
بات هناك ما يشبه الظاهرة، ونحن نرى من
الاردنيين، ومن هم في مواقع المسؤولية تحديدا، من اعتاد على ركوب الموجة باعتلاء
المنابر واستخدام وسائل الاعلام، للحديث عن المرأة الاردنية وحقوقها وقضاياها،
واظهارها بانها مظلومة ومقموعة ومضطهدة، ظنا منه انه بهذا الموقف السلبي والسيء
وغير المسؤول الذي يتنافى مع الواقع يدافع عنها ويعلي من شأن الوطن .. !! دون ان
يدرك حجم الاساءة التي يتسبب بها للبلد وقيادته وما توليهما من جهد ورعاية واهتمام
بهذا الملف الوطني الحيوي الذي يحظى بالاولوية على الاجندات الملكية والاردنية، بصورة
انعكست ايجابيا على مكانة المرأة وحقوقها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وتعليميا في
ظل الفرص الكثيرة التي وفرتها لها الدولة وفي كافة القطاعات كما يعكس ذلك نسبة
تمثيلها اللافتة في كافة المستويات الوظيفية الرسمية والحكومية والبرلمانية التي
احتلتها، والتي تجاوزت دول المنطقة في الوقت التي اقتربت فيه من نسب تمثيلها في
الدول المتقدمة في اوروبا والغرب وغيرها.
شيء مؤسف ان نصل الى هذا المستوى من
التعاطي غير المسؤول مع الملفات والقضايا الوطنية على ايدي ابناء البلد، وغالبيتهم
من المسؤولين من الذين امتهنوا الحديث بمناسبة او غير مناسبة عن قضايا المرأة
وحقوقها، ليكيلوا من حيث يدروا او لا يدروا التهم الى بلدنا، ونعته بالتخلف
والتقصير، رغم الجهود الوطنية الكبيرة المبذولة، لانهم لم يحسنوا التصرف مع هكذا
ملف حساس له الكثير من الاعتبارات الحضارية، خاصة مع الدول المتقدمة التي تربطنا
بها علاقات قوية ومميزة، دائما ما تثني وتشيد بمستوى الوعي والنضج الذي وصله بلدنا
حضاريا وديمقراطيا وانسانيا وحقوقيا.
واذا ما كان للبعض ملاحظاته السلبية
على ملف المرأة، فهل يظن انه باعتلائه المنابر والتشهير ببلدنا والاساءة له، ينتصر
لها وينصفها .. ؟ هل هو مقتنع بما يقول .. ام هي متطلبات المنصب .. ام ان ذلك
يندرج في اطار تسويق نفسه كشخص متحضر ( ومدرن ) .. يسعى لتحقيق مكاسب مالية او
وظيفية، ولا يتعاطى مع الموضوع الا من باب التملق والنفاق والانتهازية للوصول
لمسعاه وعلى حساب سمعة البلد، وتشويه صورته الحضارية، بلغة خطاب تهكمية واتهامية
لم يراعي فيها المصلحة الوطنية، حتى عندما اوهم نفسه انه باستخدام هذه اللغة التي
لا تمت للواقع بصلة، اراد ان يعطي انطباعا مدنيا حضاريا .. فاذا به يسقط في وحل الحسابات
الخاطئة، عندما خانه التعبير.
وبلغ الامر بالبعض ان يهدد ويتوعد وهو
يتحدث عن ما اسماه بالعنف الانتخابي ضد المرأة وكأننا في دولة قمعية، دون ان يوضح
الحالات التي تندرج تحت هذا الوصف اللامسؤول او كيف له ان ينفذ تهديده وهو يعلم ان
هناك الكثير من القضايا التي يجرمها قانون الانتخاب دون ان تجد طريقها الى التنفيذ
كشراء الاصوات مثلا.
وهناك ربما من يتعاطى مع الموضوع،
وكأنه بمثابة الفرصة التي يسعى الى استثمارها على شكل اوراق اعتماد يقدمها الى
جهات خارجية كمؤسسات التمويل الاجنبي، طمعا في كسب رضاها ومنحه شهادة سلوك على
تماهيه مع برامجها وافكارها واجنداتها غير البريئة في العبث ببيئتنا المجتمعية في
مقابل حصوله على توصية او تزكية او مال، كثمن لدوره غير المسؤول في هذا المجال.