القسم : بوابة الحقيقة
تحركنا السلبيات.. ولا تحركنا الايجابيات
نشر بتاريخ : 6/12/2024 1:54:17 PM
د هايل ودعان الدعجة


بقلم: د. هايل ودعان الدعجة

 

من الامور اللافتة في تعاطينا مع منصات التواصل في القضايا والامور التي تخص الوطن ، ذلك التفاعل الذي نبديه مع الاحداث والاخبار التي يمكن وصفها بالسلبية ، بحيث نطلق العنان لتعليقاتنا بمجرد ظهورها وسماعها ، حتى دون التحقق من صحتها ، طالما حفزتنا وحركت ما بداخلنا من نوازع جعلت منها مادة نتداولها وتتصدر احاديثنا ، لنتناولها بالهجوم وتوجيه الانتقادات . الامر الذي لا نقابله بنفس التفاعل والاهتمام اذا ما حصل العكس وكانت الصورة ايجابية ، تتحدث عن انجاز او نجاح مثلا قد يحصل او يتحقق هنا او هناك . وكأن هذه هي ساحتنا ومساحتنا التي نمارس عليها تعليقاتنا .. بحيث تحركنا السلبيات .. ولا تحركنا الايجابيات . ولربما نشعر بالخذلان والاحباط إن حدث ما يغير او يعكر صفو الصورة السلبية التي تجسد البيئة التي نتفاعل معها ..!! ويبدأ يدفع بها بالاتجاه  المقابل ، الذي سيحد من مشاركتنا وتفاعلنا واهتمامنا .

وهذا ربما ما يفسر اجواء او بيئة الرعب التي تغلف العمل العام ، حتى اننا من النادر جدا ما نسمع او نشاهد مسؤولا يخرج على الاعلام مدافعا عن مؤسسته من خلال بيان حقيقة ما يتم تداوله من اتهامات او افتراءات بشأنها او حتى يتحدث عن انجازات ونجاحات .. وحتى لو تحدث عن ذلك فلن تجد هناك من يوليها اي اهتمام .. وذلك بعكس لو كانت هناك احاديث او اقاويل عن سلبيات او مخالفات او اخفاقات  في المؤسسة التي يقودها .. الامر الذي يمكن ملاحظته عند تكذيب او نفي اخبار او معلومات مفبركة او مغلوطة على شكل شائعات ، بحيث لا تجد من يتداولها ويهتم بها وينشرها بنفس الاهتمام الذي كانت تحظى به عندما كانت شائعات .

مما يؤكد على ان البيئة التي تعيش بها السلبية متوفرة في مجتمعنا مع كل أسف وهناك من يساعد على تنشيطها ، ويصبح من السهل تمرير اي معلومات او اجندات يراد بها استهداف اشخاص او جهات معينة.. طالما ان اهتمامنا بالسلبية او بالمعلومة غير المؤكدة اكثر من اهتمامنا بالايجابية وبالحقيقة التي لا تجد هناك من يدافع عنها او ينشرها بنفس طريقة نشر السلبية ( الاشاعة ) .

في اشارة الى وجود قابلية للانجرار خلف السلبيات والشائعات وترويجها لمجرد انها تمس ما يعتقد البعض انها قضايا او مسائل مهمة وتعنيه وتعزز موقفه منها ويرى فيها ما يمكن ان يتوافق مع ما يفكر به او يعتقده تجاهها . وبالتالي فان الامور  مختلفة في كيفية الحكم على الاشياء .. بين شخص يبحث عن الايجابية ويتحلى بروح تفاؤلية ، وبين اخر يبحث عن السلبية تماهيا مع ما بداخله من نزعة تشاؤمية .. وبما يتوافق ونظرته وتعطشه لتوجيه الانتقادات كبيئة يعيش فيها ويرى فيها وسيلته المفضلى في التعاطي مع القضايا والملفات والانجازات والنجاحات الوطنية المختلفة التي تحدث هنا وهناك ، وحسب طبيعته وتركيبته ونظرته للامور .. وقد يرى في نفسه انه الوحيد الذي يملك الحقيقة او الصورة التي يجب ان يتعاطى معها غيره ، تماهيا مع نظرته وموقفه منها .. ووفقا لحساباته ومقاساته الخاصة .. فالحكم على الاشياء في النهاية .. يتوقف علينا نحن .. على شخصيتنا وتركيبتنا وطبيعتنا وتربيتنا .. ونظرتنا لها .. وما يهمنا منها ونريده ونبحث عنه في رحلة الحكم هذه ..

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023