خيري منصور
السبب او الذريعة المعلنة على الملأ لقصف مطار الشعيرات السوري هو استخدام النظام اسلحة كيماوية، لكن الواشنطن بوست رأت غير ذلك، واوردت اربعة اسباب اخرى لهذه العملية، منها ان الادارة الجمهورية برئاسة ترامب تريد عقد مقارنة بينها وبين ادارة سلفها الديموقراطي، بحيث تبدو اشد صلابة وحزما، ومنها ايضا تذكير موسكو بأن التفاهم التكتيكي لا ينقي الخلاف الاستراتيجي، وكأنها تستعيد عبارة رامسفيلد حين قال ان الترسانة العسكرية الروسية غطاها الصدأ في المستودعات . ومن تلك الاسباب ايضا اظهار ترامب بصورة مغايرة لتلك الصورة التي رسمها الاعلام الامريكي .
وتقول واشنطن بوست ان مشهد المأساة التي احدثها استخدام السلاح الكيماوي لم يكن السبب الذي حرّك عواطف ترامب ومنعه من النوم كما يقول !
لكن المثير بالفعل هو ان اقل من سبعين ساعة كانت الفاصل بين تصريح لترامب حول تحديد مصير الرئيس السوري من قبل شعبه وبالتالي التخلي عن شرط استبعاده من المعادلة السياسية وبين قصف مطار الشعيرات بما يقارب الستين صاروخا، وهناك ايضا من يقولون ان هذه الصواريخ التي استخدمت في الثمانينيات من القرن الماضي اصبحت مهددة بفقدان الصلاحية، لهذا كان لا بد من هدف مبرر للتخلص منها !
ان موقف واشنطن بوست من هذه العملية وذكرها لأسباب اخرى غير السبب المعلن يوحي بأن الاعلام الامريكي لا يزال في حالة طلاق مع الرئيس الذي اضافه اعلام بلاده الى قائمة خصومه . ومن وصفوا ترامب بأنه رجل المفاجآت والصدمات شخصنوا الاستراتيجية الامريكية بل اختزلوها في رجل واحد، والحقيقة غير ذلك تماما، لأن لأمريكا حساباتها السريّة والمعلنة ايضا قدر تعلق الامر بالعلاقة الاشكالية مع كل من موسكو وبكين !
ومن راهنوا على تقارب وتفاهم بين ترامب وبوتين فاتهم ان هناك منزلة بين الاصدقاء والاعداء هي منزلة « الاعدقاء « !!
عن الدستور