بقلم: د. مَحْمُودٌ أبُو فَرْوَةَ
الرَّجَبِيُّ
فِي كل مَعْرَكَة أوْ عدوان صهيوني،
تبرز مُشْكِلَة تحيز الفيس بوك ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى ضِدَّ الـمُحْتَوى
الداعم للقضايا العَرَبية، وَعَلَى رأسها القضية الفلسطينية، ولا يعرف كثيرون أن
الخوارزميات هِيَ الَّتِي تتحكم بِعَمَلَيَّة توزيع الـمَنْشُورات من خِلال هَذِهِ
الـمَنَصات، وأن هُنَاكَ طرقًا للتعامل الأفضل مَعْهَا، لخرق حظرها محتواك.
الخوارزميات هِيَ البرمجيات الَّتِي
تَعْتَمد عَلَيْهَا منصات التواصل الاجتماعي فِي تقييم الـمَنْشُورات، وإعطائها
حُكْمَاً بمدى قوتها، ليتم تَحْدِيد حجم توزيعها من خِلال حسابات الآخَرِينَ فِي
المنصة، وَفِي العادة فإن هَذِهِ الـمَنَصات تَعْتَمد فِي عَمَلِيَّة تقييم هَذِهِ
الـمَنْشُورات عَلَى ثَلاث مَرَاحِل رئيسة، الـمَرْحَلَة الأولى وَهِيَ مرحلة
التقييم الأولي بِحَيْثُ يَتِمّ فحص الـمُحْتَوى، ومدى مطابقته للشروط وَالـمَعايِير
الَّتِي تضعها المنصة، ومن خِلال مُرَاقَبة الـمَنْشُورات فِي الفيس بوك يتبين أن
وُجُود ألفاظ تدل عَلَى عنف، أو إساءة، أوْ خطاب كراهية يجعل من تقييم الـمَنْشُور
متدنيًا فَلا يَتِمّ توزيعه عَلَى عدد كَبِير من الحوائط (أي تظهر فِي حسابات
المشتركين فِي المنصة).
فِي الـمَرْحَلَة الثَّانية يَتِمّ عرض
نتيجة تقييم الـمَرْحَلَة الأولى عَلَى الهويات الرَّقَميَّة (يَتِمّ تَحْدِيد
الهُويَّة الرَّقَميَّة من خِلال الاهتمامات لَدَى المشتركين خاصة من أصدقائك فِي
حسابك، أو من يتابعون منشوراتك، أوْ منشورات غيرك)، ليصار إلى اخْتيار الحسابات
الَّتِي سيتم توزيع الـمَنْشُور عَلَيْهَا، ويعتمد عدد الحسابات الَّتِي سيظهر
فِيهِا الـمَنْشُور عَلَى عدد أصدقائك، أوْ من يتفاعلون مَعَك، وَعَلَى قُوَّة
الـمَنْشُور حسب معايير المنصة.
أمَّا الـمَرْحَلَة الثَّالِثَة فَهِي
تبدأ من لحظة ظُهُوُر الـمَنْشُور فِي حسابك، ومن خِلال حسابات المشتركين، وَهُنا
تَكُون لحظة حاسمة، حَيْثُ يأخذ التقييم منحنى آخر يتعلق بمدى تفاعل هَذِهِ
الحسابات مَع منشورك، وَالـمِعْيَار الأول فِي هَذِهِ الـمَرْحَلَة يَكُون لعدد
الأشخاص المتفاعلين مَعَك من خِلال (الإعجاب، الـمُشَارَكَة، التعليق، إعادة
التعليق عَلَى تعليقات الأصدقاء) وغيرها.
نعود إلى الـمَرْحَلَة الأولى، وَهِيَ
الـمَرْحَلَة الَّتِي تتحكم الفيس بوك – وَنَحْنُ هُنا نركز عَلَى المنصة الأكثر
انْتِشَارًا فِي الأرْدُنّ، وَالَّتِي تدور من خلالها النقاشات حَول فِلِسْطِين،
والعدوان الإسرائيلي الغاشم عَلَى غزة-، وَفِي حَالَة قيام الخوارزميات بتصنيف
منشورك عَلَى أنه مؤيد للقضية الفلسطينية يَتِمّ إما حجبه بِالكامِل وتقييد حرية
النشر فِي حسابك، أوْ جَعَلَهُ يمر، وَلكِنَّهُ فِي هَذِهِ الحَالَة لَنْ يظهر فِي
حسابات كَثِيرة، لِذَلِكَ، فإن أفضل طَرِيقَة للتعامل مَع هَذِهِ الخوارزميات
إضافة إلى الحِيلَة الرَّقَميَّة الَّتِي يتبعها غالبية النَّاس فِي وضع نِقَاط،
أو زيادة مدى الحروف بِوَضْع شرطات مَعْهَا – ويظهر أنها لَمْ تعد فعَّالة بِشَكْل
مقبول -، هُوَ أن يَقُوُم كل مشترك وَعِنْدَ رؤيته مَنْشورًا مُؤيداً للقضية
الفلسطينية بالتفاعل مَعهُ فورًا، وعدم الاكتفاء بِوَضْع إعجاب عَلَيْهِ، بَلْ
وَبِكِتابَة تعليق من خلاله، إضافة إلى دخوله إلى تعليقات الآخَرِينَ والتعليق
عَلَيْهَا، وَبِذَلِكَ نساهم بتصنيف الـمَنْشُور عَلَى أنه قوي، وَلَدَيْهِ تفاعل
كَبِير، فتقوم خوارزميات الفيس بوك بنشره عَلَى نطاق أوسع، وَهَذِهِ طَرِيقَة
مجربة وقوية.
يُعَانِي الـمُحْتَوى الرَّقَمي المؤيد
لقضية فِلِسْطِين من حجب، وتضييق، وتقليل انتشار متعمد، استنادًا إلى حجج غير
مقتنعة، وَرَغْم ذلِكَ فإن كثافة النشر، والتفاعل من شَأنِها أن تساعدنا فِي دعم
قضية الأرْدُنّ، والعرب الأولى – القضية الفلسطينية-، وَرَغْم أن الأرْدُنّ –
وبتفويض من الدُّوَل العَرَبية- تُحَاوَلَ مُنْذُ فترة التفاوض مَع الـمَنَصات
العَالَمِيَّة من أجل تعامل أكثر عدالة مَع الـمُحْتَوى الفلسطيني - خاصة- وَلَكِن
هَذِهِ المفاوضات لَمْ تصل إلى نتيجة للآن حسب ما نراه من تصرف الـمَنَصات
الـمُخْتَلِفَة مَع الـمُحْتَوى العربي المؤيد لفلسطين، ونتمنى أن تتكلل هَذِهِ
الجهود المضنية والمخلصة فِي جَعَل هَذِهِ الـمَنَصات وَمِنْهَا الفيس بوك – أكثر
عدالة بالتعامل مَع قضايانا- وَعَلَى رأسها القضية الفلسطينية.
* أستاذ الإعلام الرَّقَمي فِي جامعة
الشرق الأوسط: