بقلم: د. سامر عطية
لا يختلف اثنان على أن الحروب والكوارث
تعتبر من الشدائد التي تؤثر نفسيا على البشر بشكل كبير ، وتأثيرها على الأطفال
أكبر.فقد يتعرض الطفل لفقدان أحد أبويه أو كلاهما أو أحد أخوانه أو أقاربه وقد
يتعرض للتعذيب بأشكال مختلفة ، منها الجسدي والمعنوي والنفسي والتعرض للتحرش
الجنسي وإلى الإهانات غير المتوقعة ، وقد يقع هذا الطفل بالأسر في الحروب وما له
من تأثيرات، وقد يتعرض الطفل للأمراض والأوبئة وإهمال الخدمات الصحية وسوء التغذية
وشح التعليم ، مما ينشأ عنه لدى الطفل مشاعر اليأس وخاصة مع معايشة مناظر الحرب
والأََسْر والقتل والدمار والتشرد وأحيانا الإساءات الجنسية .
مما تقدم قد ينشأ عند الطفل اضطراب يشيع كثيرا أثناء الحروب والكوارث
وبعدها وهو ما يسمى اضطراب الصدمة الحاد
أو اضطراب أكثر شيوعا وهو اضطراب ما بعد الصدمة بدرجاته المختلفة والذي يتضمن
اجترار وتكرار ذكرى الحادث المأساوي غير الاعتيادي ، شعور بالخوف الشديد والذعر،
قلة تحمل الآخرين ، سلوكيات الابتعاد وتجنب الأماكن و الرموز المتعلقة بالحادث
المأساوي ، عزلة اجتماعية ، أعراض القلق الشديد والذعر الجسمانية ،كوابيس وأحلام
مزعجة تدور أحداثها حول الحدث غير الاعتيادي
، وأحيانا نوبات انفجارية شديدة من القلق أو الهياج عند تذكر هذا الحدث
المأساوي.
وقد ينتج عن ذلك كله اضطرابات قلق أو
اكتئاب أو اضطرابات سلوكية كالعدوانية وصعوبات التكيف والتأقلم العائلي والاجتماعي
والتأخر في التحصيل الدراسي.
إذا حدث ذلك و لاحظنا تلك التغيرات على الطفل وجب علينا التدخل ، وأهم خطوة
في ذلك هو تأمين جو من الإحساس بالأمان والطمأنينة للطفل وإن كان نسبيا بفصله عن
مكان الحرب أو مكان الكارثة، ثم نتخذ إجراءات في العلاج النفسي الداعم وذلك بعد
التعرف الكامل للحالة ومساعدة الطفل على تفهم الواقع وتحسين نظرته لحالته. قد نلجأ
إلى المنظمات الدولية لمراعاة حقوق الطفل وقت الحروب والكوارث.وأحيانا قد نلجأ
للعلاج الدوائي كاستخدام مضادات القلق أو مضادات الاكتئاب مع مراعاة عمر الطفل وحالته.وذلك
كله بعد اللجوء إلى الله والتوكل عليه سبحانه.
* اختصاصي الطب النفسي