بقلم: علاء القصراوي
هل تتجه المملكة العربية السعودية نحو الاستغناء عن العمالة العربية والأجنبية ؟ هل تبخرت أحلام كثير من الشباب بإيجاد فرص للعمل بالسعودية بحثاً عن سُبل الحياة الكريمة ؟
تعيش العمالة الأردنية حالةً من الترقب بعد بدء السعودية سلسلة من الإجراءات بهدف تنويع مصادر الدخل كالاستغناء عن العمالة الوافدة واستبدالها بعمالة سعودية، وإيقاف البدلات التي كان المتعاقدون يتقاضونها، إضافة للبدء بتطبيق (برنامج المقابل المالي) بأخذ رسوم مالية شهرية من المقيمين وتابعيهم بحلول منتصف عام 2017 بشكل تدريجي وتصاعدي، حيث أن الاقتصاد السعودي يتعرض لضغوط متصاعدة نتيجة لانخفاض أسعار النفط ووجود تضخم وعجز بالموازنة خلال السنوات الأخيرة، والذي دفعهم للبحث عن حلول جذرية للتوقف عن الإعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل الوطني.
كما هو معلوم، فإنّ عدد العمالة الأردنية في السعودية يبلغ حوالي 420 ألف حيث تمثل نسبة تُقارب 40% من أعداد المغتربين الأردنيين خارج الوطن والذي يناهز المليون مغترب، وهذه العمالة تتميز بأنها عمالة مدربة تدريباً عالياً وعلى درجات متقدمة من الجودة، وقد ساهمت بكفاءة وأمانة في سير عجلة التنمية في المملكة العربية السعودية، إضافةً لذلك، إنّ للمغتربين الأردنيين دور مهم في نهضة الأردن عمرانياً وتعليمياً وصحياً، وكذلك تحسين نوعية الحياة لدى كثير من الأسر الذين يُعيلونهم، فحوالات الأردنيين المغتربين لبلادهم تشكل حوالي (12%) من إجمالي الدخل القومي الأردني مما يفوق حجم المساعدات التي تصل للأردن من بعض الدول الصديقة، وللعلم فقد بلغت هذه التحويلات حوالي 1.46 مليار دينار عام 2015، إلّا أنّه نتيجة للتغيرات الاقتصادية التي طرأت على سوق العمل الخليجي، وبحسب البنك المركزي الأردني، فقد انخفضت قيمة تحويلاتهم خلال النصف الأول من عام 2016 بنسبة 4.3% مقارنة مع نفس الفترة من عام 2015، فالأردن وكما هو معلوم يُعاني من ضائقة مالية واقتصادية صعبة، وعودة العمالة الأردنية بأعداد كبيرة لوطنهم قد يُلقي بظلاله السوداء أمام اقتصاد أردني يترنح تحت وطأة الدَين العام والبالغ أكثر من 37 مليار دولار، وارتفاع معدلات البطالة إلى 15% (والتقارير الدولية تتحدث عن نسبة تصل ل 30%)، ولا ننسى استضافة الأردن لأكثر من 1.6 مليون لاجيء سوري.
إن ترك شريحة واسعة من الأردنيين وغيرهم لأعمالهم بالسعودية لا يعني بالضرورة سهولة استبدالها بعمالة أجنبية أخرى؛ لأنها ستكون تحت وطأة نفس الالتزامات المالية كمقيمين، وصحيح أن السعودية حققت نماءً استثنائياً في إنتاج عمالة سعودية متميزة؛ إلا أنها حتى الآن لا تستطيع أن تُغطي جميع القطاعات واحتياجات السوق كمّاً ونوعًا، وبالتالي فإن هِجرة العمالة الأجنبية العكسية تُشكل ضرراً للطرفين يستدعي المراجعة، وعودة المغتربين الأردنيين لبلادهم يشكل قنبلة موقوتة وكارثة معجلة إذا لم تؤخذ التدابير اللازمة من قِبل الأطراف المعنية (خاصة من قِبل وزارة الخارجية الأردنية وشؤون المغتربين ممثلة بالسفارة والقنصلية في السعودية، والتي قد أجزم أنه لا يوجد أي تواصل بينها وبين مواطنيها الأردنيين سِوى بعض الإجراءات المعتادة من إصدار وتصديق الأوراق وغيرها، ولا تلعب أي دوراً مهماً في استقرارهم والإطلاع على أحوالهم) والتي تضمن إيجاد حلول مرنة في إطار مراعاة مصلحة المملكة العربية السعودية وتخفيف الضرر الممكن حصوله على المتعاقدين الأردنيين في السعودية، فبالإمكان تخصيص الأردنيين ببعض الاستثناءات نظراً للعلاقة الأردنية السعودية التي تتسم بأنها عريقة وراسخة ومتميزة، بل ووصلت لحد التوأمة والتنسيق المتقدم بالجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية والخارجية كخيار وتحالف استراتيجي عام، ومن الأفكار التي يتم تداولها في الشارع الأردني حالياً: استثناء الأردنيين من تلك الرسوم أسوة بإخوتهم السوريين واليمنيين المقيمين بالسعودية، أو تثبيت تلك الرسوم وعدم زيادتها، أو تحديد الفئة التي تدفع تلك الرسوم المفروضة بناءً على راتب المتعاقد، فأملنا أن يكون هنالك خصوصية فيما يتعلق بالمتعاقد الأردني بالمملكة العربية السعودية.
يقول الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي السابق يرحمه الله "الأردن بؤبؤ العين، ولن نتخلى عنه". ونختم بكلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله "أُحب الملك عبدالله الثاني كما أُحب إبني ولن نتخلى عن الأردن".