بقلم: د هايل ودعان الدعجة
ظروف ومستجدات قادت الى تحريك المياه
الراكدة في علاقات بعض الدول العربية مع تركيا ، للحد الذي جعلها معنية
بالانتخابات التركية وفوز اردوغان بها ، كونه الاقرب الى تحقيق توافقات اقليمية ،
باتت الدول العربية بحاجة لها لحل ازماتها ومشاكلها ، بعد ان وجدت نفسها امام
خيارات ستجعل من هامش حركتها وحريتها اوسع ، بصورة ستدفع بها الى اعادة التفكير بحساباتها
وترتيباتها ، بحيث يكون لها كلمتها وموقفها من هذه التطورات ، وان تختار المسار
الذي يناسبها ويتماهى مع مصالحها ، بعيدا عن التدخلات الخارجية . الامر الذي
يفسر ايضا الاتفاق السعودي الايراني وعودة
سوريا الى الجامعة العربية والتفكير بتنوع العلاقات والتحالفات مع اطراف دولية
وازنة ومؤثرة ، ودعم الاقتصاد التركي بتقديم الودائع والاستثمارات والمساعدات
المالية الخليجية . في مقابل وجود حاجة
تركية الى الاستدارة نحو محيطها الاقليمي واستعادة علاقاتها العربية لتجاوز محنتها الاقتصادية واثار
الزلزال المدمر الذي ضرب اراضيها .كل ذلك اوجد بيئة خصبة لتصفية الاجواء وطي صفحة
الخلافات العربية التركية في محاولة للاستفادة من التغيرات التي طرأت على المشهد
الدولي بسبب الحرب الروسية الاوكرانية على شكل تنسيق في المواقف ، لامور تقتضيها
خريطة التوازنات الاقليمية المتوقعة ، والتغيرات المحتملة في خريطة تحالفات دول
المنطقة مع الاطراف الدولية ، وذلك من باب التحرر من هيمنتها
وضغوطاتها وتداخلاتها في شؤونها . وبدا ان الفرصة سانحة امامها لتعزيز
حضورها في المنظومة الدولية من موقع الفاعل والمؤثر في ظل امتلاكها للادوات
والعناصر التي تجعلها قادرة على ترجمة تطلعاتها وطموحاتها الى واقع .
فالدول العربية التي تتطلع الى حل
مشاكلها وتصفيرها ، تعي انها بالتقارب والتصالح مع تركيا ، انما تزيل واحدة من اهم
العقبات في طريق الحل ، خاصة في ظل حاجة تركيا لها لاعتبارات اقتصادية واستثمارية
ومالية وتسويقية ، بما يدفعها الى التفكير بتغيير سياستها تجاه ملفات خلافية مع
الدول العربية ، التي قد تستغل ذلك في الاستثمار بالعامل الاقتصادي في علاقاتها مع
الاطراف الاقليمية والدولية وعلى اساس المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة ،
وارتباط ذلك بحسابات سياسية كفيلة بجعلها تعيد النظر بعلاقاتها وتحالفاتها
وشراكاتها الخارجية ، بحيث تحرص على
تنويعها والدفع بها بما يضمن تحقيق مصالحها ، ولعلها تجد باعادة النظر بعلاقاتها
مع الجار التركي بعد فوز اردوغان ما يشجعها على السير بهذا الاتجاه في ظل ما تحظى
به تركيا من قدرات وامكانات اقتصادية وصناعية ومكانة دولية امكن لها اكتسابها على
خلفية دورها المؤثر في الحرب الروسية الاوكرانية .
اضافة الى ان فوز اردوغان (وحصول
تحالفه على الغالبية في البرلمان ) ، جعل منه رقما صعبا ومرجعية اقليمية
مؤثرة في التعاطي مع ملفات المنطقة ، بشكل
عزز من حضور تركيا كقوة اقليمية انعكست على علاقاتها مع اطراف دولية فاعلة كروسيا
والصين ، بطريقة من شأنها تشجيع الدول العربية على استثمار الفرصة في تعزيز
علاقاتها مع تركيا ، للاستفادة من هذه التطورات والتحولات التي تشهدها المنطقة
والعالم فيما لو فكرت بالفعل بتنويع علاقاتها وتحالفاتها التقليدية مع الغرب .