على الرغم من الأوضاع الاقتصادية
العالمية، إلا أن الأردن استطاع بالسياسة المالية والنقدية المتبعة الحفاظ على
الاستقرار الاقتصاد الكلي، وذلك من خلال ترشيد الإنفاق المتبع على البنود التي لا
تمثل أولوية وهي بالأساس من ضمن أولويات الإصلاحات الاقتصادية، فكان الانعكاس
ملحوظا على تحسين الأداء في تحصيل الإيرادات العامة من التهرب الضريبي والجمارك
وغيرها.
إلا أن هذه الخطوة ليست كافية بالقدر
الذي من الممكن أن يحدث انقلاب إيجابي بالاقتصاد الوطني ويعمل على تغيير شامل في
مؤشرات النمو، لذلك لا بد من ان تتخذ الحكومة خطوة جديدة ومحورية في إنشاء
الصناديق الاستثمارية، بحيث تقسم على مناطق المملكة بهدف النهوض بالاقتصاد المحلي
وتقلل من البطالة وتزيد من فرص العمل وتحرك عجلة الاقتصاد بشكل منتظم على كافة
المحافظات في المملكة.
تلك الصناديق بوجهة نظري يجب أن تكون
مقسمة على ثلاث مناطق رئيسية هي: شمال ووسط وجنوب المملكة، وذلك لكي يكون توزيع
الدعم والمساهمات عليها بشكل عادل وضمن الاطر القانونية والخطط المرسومة لعمل هذه
الصناديق، بحيث تكون قادرة على تحمل العقبات والمشاكل التي ستوجهها بسبب موقعها
الجغرافي بالتناسب مع التعداد السكاني لتلك المناطق.
في المقابل ستكون هناك أسئلة عديدة
تدور في محور هذا المقترح وهي؛ هل سيكون تطبيق العمل بهذه الصناديق سهلا، وهل
الفائدة منها حقيقية ويمكن ان تستغل لتكون حلا جذريا لإنعاش الاقتصاد الإجابة:
نعم؛ كون أغلب الدول الاقتصادية العظمى لديها صناديق استثمارية سيادية تدعم
اقتصاداتها فتضخ تلك الأموال في أرض خصبة بها أدوات وموارد يمكن أن تعكس الاستثمار
في الصندوق إلى انتعاش اقتصادي عام لها وللبلدان التي يتم الاستثمار بها.
اما عن آلية انشاء هذه الصناديق
الاستثمارية التنموية فيمكنها أن تبدأ من خلال جذب رؤوس الأموال من القطاع الخاص
كالبنوك والشركات، إضافة إلى الدعم الحكومي وذلك باستغلال أراضي الخزينة وضم
الأراضي التي تكون خارج التنظيم في المحافظات وإقامة المشاريع عليها للاستفادة من
المساحات الشاسعة التي لم تستغل مع العمل على خلق فرص عمل لتشغيل سكان تلك المناطق
بحسب الخبرات والمهارات التي يمتلكونها، بحيث تكون هذه المشاريع لها انتماء مناطقي
وجغرافي فتزيد بها نسبة النجاح المطلوب.
فالصناديق هذه لن تتأسس وتعتمد فقط على
القطاع الخاص أو الحكومي، وإنما يمكن بلورتها بشكل أفضل من خلال المساعدات
الدولية، إضافة إلى فتح باب المساهمة للمواطنين وجعلهم شركاء في هذه الصناديق، مع
ضمان ربط معظم المشاريع التي تنشئها الصناديق بخطة خمسية واضحة الملامح وتحت مظلة
قانونية تحميها من مغبات الهيمنة والنفوذ السياسي.
الإصرار على إيجاد الحلول وتطبيقها سيجعل
العمل على إنعاش الاقتصاد حقيقي، فالتفاعل مع هذه الحلول والاطروحات بشكل أكثر
جدية، يجب أن يكون على الدوام كوننا مقبلون على عقبات ومشكلات اقتصادية ستزيد من
نسب البطالة وتمدد رقعة الفقر بشكل جنوني لا محالة نتيجة الركود الاقتصادي
العالمي، فتحويل هذه الصناديق إلى فرص حقيقية واجب وطني كون اقتناصها منذ البداية
يوصل اقتصادنا إلى بر الأمان في ظل هذه الاضطرابات الاقتصادية التي تعصف بنا.