بـقـلـم: عـادل أبو هـاشـم
تعاود بعض وسائل الإعـلام المصرية ومجموعة من الأعلاميين هذه الأيام لعـب أدوارها السيئة ضد فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة .!
ومن يتابع وسائل الإعـلام في " مصر المحروسة " يتصور أن الحرب قائمة بين مصر وقطاع غزة ، وأن صواريخ القسام تتوجه إلى القاهرة بدلا من تل ابيب ، إلى درجة أن ما يصل إلينا من إعلام العدو الصهيوني لا يقارن بحجم الكراهية والبغض والتحريض القادم من القاهرة .!
ففي ظل "حملة الشيطنة " التي يقودها الأعـلام المصري ضد حركة حماس وغزة في الساحة المصرية ، خرج علينا الأعلامي عماد الدين أديب بمقال أعاد إلى الذاكرة الفلسطينية التفاهات و البذاءات التي كان يتلفظ بها سئ الذكر توفيق عكاشة ..!!
طالب أديب السلطات المصرية بموقف حازم مع حركة حماس، وقال :
دون لفّ أو دوران نقول إن حركة حماس منذ نهايات عام 2010 م تمثل تهديداً صريحاً لمصر، بمعنى أنها تهدد الحدود، وتهدد أمن سيناء، وتعبث بالأمن الداخلى فى البلاد.!
وساق أديب مجموعة من الأكاذيب و الأفتراءات ختمها بالقول ان " حماس ساهمت فى قتل مصريين أكثر مما قتلت إسرائيليين " .!
لقد شاهدنا بدايات " حملة الشيطنة " هذه في العدوان الأسرائيلي على غزة في صيف عام 2014 م " العصف المأكول " حيث تسللت مشاعر الشماتة بأهل غزة إلى نفوس كثير من المصريين كمرض خبيث لا يمت للأخلاق أو الشهامة والمروءة بصلة ، وقد طالت هذه المشاعر نخبة من الكتاب والإعلاميين الذين وجدوا فى هذه النكبة الجديدة فرصة لتصفية الحسابات مع حركة حماس ، و إلقاء عليها كل أخطاء التاريخ ، ولا يدرون أنهم بذلك يتوحدون مع مشاعر الضغينة والبغضاء التي يكنها الإسرائيليون لكل ما هو فلسطينى ، حيث لم يتوان بعض الإعلاميين المصريين بالتغني و الأشادة بالعدوان الإسرائيلي على غزة ، واتهام الفلسطينيين بأنهم هم الذين تسببوا فى قتل أنفسهم .!
ولو تتبعنا ما بثته الفضائيات المصرية التي تلاعبت بعقول المصريين ، وكتبه بعض الإعلاميين من سباب وردح وشتائم ، لكان المشهد أكثر بؤسًا بكثير .!
ففي الوقـت الذي كانـت فيـه غـزة تذبـح وتتعـرض لأبشـع المجـازر على أيدي القوات الصهيونية فوجئنـا بتصريحـات من أحد المحسوبين على الأعلام المصري يتهجـم فيهـا علـى أهـل غـزة ووصفهـم بأبشـع الأوصـاف ، حتـى وصلـت به الحقـارة و الخسة و النذالة بان يرفـع حذاءه بوجـه أهـل غـزة ," ولم يكن بحاجة لذلك، فوجهه كفيل بأداء المهمة .!" ورفـع " القبعـة " لجيـش و شعب و قادة إسرائيل ، ووصفهم بالرجال لذبحـهم أطفال و أهل غـزة ..!!
إعلامي آخر يؤكد في كل مرة يظهر بها على الشاشة على عبقرية و ذكاء جحا الذي استطاع تعليم جميع الحمير اللغة العربية قراءة و كتابة و دردشة .!
فالمشاهد يصاب بالقرف والتقـززعندما يشاهد هذا المعتوه وهو يبربش بعينيه مطالباً الجيش المصري صراحةً بضرب قطاع غزة للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية " حماس " لأنها كانت تساند الرئيس المصري محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين .!
وفي سياق هجومه العنيف كل ماهو فلسطيني تساءل هذا الدعي :
" من الذي قتل عز الدين القسّام ؟ من الذي بلّغ عن مكان وجوده ؟!
ثمّ يجيب عن السؤال بنفسه قائلا بعد أن استطاع " فـكّ اللغـز " : إنّه مشير المصري الناطق باسم حركة " حماس " الذي وضع الشريحة على سيارة القائد عز الدين القسام لتتمكن الطائرات الأسرائيلية من قتله .!!
فكيف يتّهم هذا الدعي السيد مشير المصري بالتخابر مع الشاباك الإسرائيلي لاغتيال عز الدين القسّام الذي استشهد ومعه العديد من المجاهدين في معركة غير متكافئة مع القوات البريطانية دامت ست ساعات قتل فيها 16 من الجنود البريطانيين في 20 / 11 / 1935م ، أي قبل ظهور ما يسمى بدولة "إسرائيل بــ " 13 عامًا " ، وقبل ولادة مشير المصري بـ " 40 عاماً " .. !!
( وصفت قناة "سي بي سي" الأهداف التي تقصفها طائرات الاحتلال في غزة من مستشفيات و دور العلم و المساجد بـ " الإرهابية " ) . !
استضاف هذا المعتوه المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة المصري الذي بدأ بكيل الشتائم و البذاءات للشعب الفلسطيني كافة ، و اتهامه لهم ببيع أرضهم و عرضهم ..!!
ولم يكتفي بذلك للدلالة على ما وصل إليه من حقارة وو ضاعة و خسة وقلة إدراك ، بل زاد ــ فض الله فاه ــ بغباء شديد بان الذي ساهم في قتل الشيخ أحمد ياسين هو رمضان شلح الذي وضع الشريحة على سيارة الشيخ ياسين لمساعدة الطائرات الأسرائيلية على اغتياله . .!!
الا يعرف هذا الحاقد بأن رمضان شلح هو الأمين العام لحركة الجهاد الأسلامي ، و أنه يقيم خارج فلسطين منذ عشرات السنين .؟!
ثم الا يعرف هذا الجاهل بأن الشيخ أحمد ياسين استشهد بقصف الطائرات لكرسيه المتحرك و ليس للسيارة .؟!
و لماذا العجب مما سبق .؟!
الم يخرج علينا في إحدى القنوات الفضائية المصرية شخص عجيب و صفه المذيع بأنه خبير استراتيجي و محلل سياسي ليبشر الشعب المصري بأنه تم إسقاط عشرات الطائرات التابعة لحركة " حماس " و هي محملة بالبنزين المهرب إلى غزة .؟!
والخبير الآخر الذي اتهم حماس بتهريب الكهرباء و الأكسجين إلى غزة .!
وأن حماس هي المسئولة عن النقص الشديد في زراعة المكرونة بعد أن كانت مصر هي الدولة الأولى عالمياً فى زراعة المكرونة ..!!
وذلك الذي اتهم الأخوان المسلمين بأنهم السبب في ضياع الأندلس عام 1492 م أي قبل أكثر من500 عام .!
( رحم الله مذيع صوت العرب أحمد سعيد الذي أسقط مئات الطائرات الأسرائيلية في الدقائق الخمسة الأولى لحرب يونيو 1967 م وذلك بناء على البيانات الصادرة من الجيش والقيادة السياسية في الوقت الذي شهدت فيه جميع الجبهات هزيمة ساحقة للجيش المصري من قبل الجيش الإسرائيلي وقصف للطائرات المصرية وهي على الأرض وقبل أن تقلع من المدارج..!! ) .
أنها روح أحمد سعيد التي تعود بقوة في المشهد الإعلامي المصري الحالي عندما نسمع قول هذا الإعلام : إن الرئيس أوباما من الأخوان المسلمين ، وأن أخاه من القاعدة ..!!
لقد عرف تاريخ الإعلام المصري سحرة كثيرين ، لكنهم لم يكونوا يضطرون إلى إظهار فجاجة خطابهم أمام الناس ، كون المرحلة آنذاك، لم تكن تتطلب ذلك .
لكن المخيف أن هناك من يصدق ، لا بل إن هناك من يتبنون " مواقف سياسية " استناداً إلى المنطق الذي تقدمه الوصلات الإعلامية المصرية ، فيما إن هذه الوصلات على الشاشات المصرية لا ينطبق عليها علميًا مصطلح إعلام ، ولا وصفها مصرية ، فالواقع المعاش اليوم في الإعلام المصري فاق كل المبالغات التي اعتاد الساخرون تقديمها لجمهورهم على سبيل النكتة ، والأعمال الفنية الساخرة التي يراد لها أن تكون كوميدية أو ساخرة جادة أكثر من اللازم في مقابل " الأعمال الكوميدية الإعلامية " على شاشات التلفزة المصرية التي تنتقد ليل نهار الشعب الفلسطينى وترمى عليه كل أخطاء التاريخ .!
ويتساءل المواطن العربي في كل مكان :
ما سر هذه الهجمة التي تبدو غريبة على المشهد العربي على حركة مقاومة قاومت العدو الصهيوني في أربع حروب على مدار ثمان سنوات .؟!
وكيف تحولت حماس فجأة ، وعلى الرغم من أنها ضحية ، ويفترض أنها تناجز عدو الأمة العربية الأول تاريخيا ( كما كانت تصدح الحناجر ) إلى "عدو" بديل ، وتوجهت السهام إليها .؟!
وكيف يجرؤ عربي على الانحياز إلى صف "العدو الصهيوني " جهاراً نهاراً ، ويتنكر لحركة قدمت كبار قادتها وأبناءهم و زوجاتهم شهداء و معتقلين و مطاردين في سبيل الله .؟!
إن الحقيقة الكبرى التي لا مراء فيها أن حركة حماس أعادت الصراع مع الصهيونية إلى جذوره التاريخية ، فهي الوحيدة التي تذكر الأنظمة العربية بأن إسرائيل لم تزل عدواً، وليست حليفاً في مواجهة الربيع العربي ، وهو أمر يحرج هذه الأنظمة ، ويكشف زيفها ، وخداعها شعوبها ، على مدار عشرات السنين .!