كانت بداية تدشين مشروع سوق عجلون
الريفي والسياحي برعاية نائب رئيس الوزراء ووزير الإدارة المحلية الباشا توفيق
كريشان مؤخراً، ووضع حجر الأساس من قِبل مندوبه أمين عام وزارة الإدارة المحلية
المهندس حسين مهيدات يوماً استثنائيا في محافظة عجلون، ويوماً عانق فيه الفرح كل
إنسانٍ عجلوني متفائل بالمشروعات التنموية التي تنبثق من خصوصية وميزة هذه
المحافظة السياحية والإثرية والتراثية والزراعية والثقافية بشكل خاص، لدرجة أني
شاهدت في هذا اليوم الاستثنائي بهجة عارمة غمرت قلب ووجدان عُمدة عجلون حمزة
الزغول والمجلس البلدي، وأيضاً سعادة متقدة حماساً وشجوناً من قِبل مدير مشروع
الخدمات البلدية والتكيف الاجتماعي المهندس توفيق الخواطرة وفريق المشروع، وفرحاً
أضاف إنجازاً كبيراً لرئيس مجلس محافظة عجلون عمر المومني وأعضاء المجلس، وكذلك
نسائم أملٍ على وجوه كل من التقيت بهم في ذلك اليوم الاستثنائي في الاحتفال.
وعجلون هي مدينة عريقة كانت تُعرف عند
القدماء بمدينة (جلعاد)، التي تعني الصلابة والخشونة بسبب طبيعتها وجغرافيتها،
والتي سميت بهذا الإسم (جلعاد) نسبة إلى راهبٍ سكن جبل عوفٍ في منطقة القلعة، لهذا
فإن عجلون هي مدينة الإيمان الوسطي المُعتدل من كل الأطياف، مثلما هي مدينة
التسامح والعيش المُشترك، كمأدبا والكرك والسلط والحصن والمفرق والزرقاء وباقي مدن
وقرى المملكة، ومن هذا المنطلق فإن مشروع سوق عجلون الريفي والسياحي، يرتسم على
أجندة عمدة عجلون حمزة الزغول المكثفة والمُكتظة لإنجازه في غضون (240) يوماً، في
موقع استراتيجي ومميز يجاور قلعة عجلون بصرياً وفضائياً وجمالياً وحتى مكانياً.
وسوق عجلون الريفي والسياحي البالغة
كلفته مليون دولارٍ والممول من البنك الدولي عبر مشروع الخدمات البلدية والتكيف
الاجتماعي الذي تديره وزارة الإدارة المحلية، يُطل على واحدة من جنبات قلعة لها
تاريخ عريق واستراتيجي، وهي قلعة تتواصل جغرافياً وتاريخياً وفضائياً وروحياً من
على سلسلة جبال عجلون الشاهقة مع مدينة القدس (مدينة السلام) بشكل عام، ومع المسجد
الأقصى وكنيسة القيامة بشكل خاص، لهذا فإن قلعة عجلون هي تأكيد تاريخي عميق على أن
الوصاية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، هي
ذات إرث طويل من على الأرض الأردنية العجلونية كغيرها من المدن الأردنية المُطلّة
على القدس وفلسطين. لهذا فإني على قناعة بأن الكلفة المعنوية لهذا المشروع تزيد
على عشرة ملايين دولارٍ، بسبب المنظر الخلاب الذي يربط بين حضارة هذا السوق الريفي
السياحي وجغرافية وإرث القلعة التي تتنفس شموخاً منذ عام 1188 ميلادي.
ويجب أن أعترف بأن سوق عجلون الريفي
والسياحي قد أخرج كل الحروف العربية من قاموس وجعبة المديرة الإقليمية لمجموعات
التنمية المستدامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي مسكيريم
برهاني عندما تحدثت بلغة عربية ركيكة لكنها مفهومة ومحببة للقلب والعقل، مما جعلنا
جميعاً نفرح كأردنيين في الحفل بأن هذه المرأة القيادية في البنك الدولي أرادت أيضاً
أن تؤكد بأن سوق عجلون سيكون إن شاء الله أحد قصص النجاح الأردنية في التنمية
المحلية المستدامة التي يمولها البنك من خلال مشروع الخدمات البلدية والتكيف
الاجتماعي لصالح بلدية عجلون. هذه البلدية التي فازت بجدارة بالمشروع في تنافس ضمن
حزمة المشاريع الابتكارية التي طرحها مشروع الخدمات البلدية، مما يشير إلى أن
السوق سيوفر مئات فرص العمل المباشرة وغير المُباشرة، للشباب والمرأة والأشخاص ذوي
الإعاقة في عجلون، ويسهم في ترويج المنتجات الريفية العجلونية.
ومن المفيد التأكيد على أن نائب رئيس
الوزراء ووزير الإدارة المحلية توفيق كريشان، وأمين عام الوزارة المهندس حسين
مهيدات، ومدير عام بنك تنمية المدن والقرى أسامة العزام، ومدير مشروع الخدمات
البلدية والتكيف الاجتماعي المهندس توفيق الخواطرة، ومعهم (100) رئيس بلدية،
وكوادر قطاع الإدارة المحلية، يؤمنوا جميعاً بأن التنمية المحلية في البلديات هي
أحد ركائز التنمية الوطنية المستدامة، لهذا تتوجه أنظارهم نحو هذا المحور الذي
يستطيع إقامة مشاريع تنموية محلية، تسهم في توفير فرص عملٍ مباشرة وغير مباشرة في
مختلف مناطق البلديات، مما يعني تخفيف البطالة بين الشباب والنساء والأشخاص ذوي
الإعاقة، وينمّي المجتمعات المحلية، ويوفر دخلاً مستداماً للبلديات والأسر الفقيرة
والمهمّشة في المجتمع.
وقد لاحظت ذلك الحماس الكبير لرئيس
بلدية كفرنجة الدكتور فوزات فريحات ومحاولاته لإقناع ممثلة البنك الدولي برهاني
وممثلي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)
والسفارات الكندية والبريطانية والهولندية الداعمة لمشروع الخدمات البلدية والتكيف
الاجتماعي، وكذلك ممثلي محمية غابات عجلون والأكاديمية الملكية لحماية الطبيعة
التابعة للجمعية الملكية لحماية الطبيعة وغيرهم من الجهات الداعمة، بأن بلدية كفرنجة
الجارة القريبة من بلدية عجلون الكبرى تستحق أيضاً دعماً لإقامة مشروعات تنموية
داخل حدود البلدية، وهو نفس الحماس الذي لمسته أيضاً لدى جميع رؤساء البلديات، وفي
مقدمتهم المهندس معاوية الخزاعلة رئيس بلدية الشعلة، الذي يتطلّع إلى إقامة
مشروعات تنموية في موقع (شعلة اليرموك) المطل على حدود ثلاث دول وعلى حوض نهر
اليرموك، مثلما هو حماس رئيس بلدية أم الجمال الذي يتطلّع إلى توسيع المشروعات
التنموية في بلديته التي غدت عاصمة الصحراء الأردنية، بعد أن دخلت أم الجمال
المنافسة القوية للدخول على قائمة التراث العالمي قبل عدة أسابيع، وغيرهم كثير من
رؤساء البلديات.
وقبل أن أختتم مقالتي، أقول مبروك
لمحافظ عجلون قبلان الشريف، ولرئيس بلدية عجلون الكبرى حمزة الزغول، ولأعضاء
المجلس البلدي، وللمدير التنفيذي للبلدية المهندس محمد القضاة، ولمديرة التنمية في
البلدية المهندسة ميرفت الصمادي، ولموظفي البلدية ولأهل عجلون، هذا الإنجاز الذي
سيضيف إلى عجلون والبلدية بعد اكتماله رصيداً جديداً ومتجدداً من النجاح المستدام.
وفي ذات الوقت أحيي الجهود التي يبذلها فريق مشروع الخدمات البلدية والتكيف
الاجتماعي بإدارة المهندس توفيق الخواطرة، لأن هناك (28) بلدية أخرى تضررت من
اللجوء السوري يتم فيها حالياً إقامة مشروعات تنموية وخدماتية، نريدها أن ترى
النور أيضاً. وبذلك تكون البلديات هي أحد أذرع حقيقية لترسيخ وتعزيز التنمية
المحلية وفق رؤى وتطلعات جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يطمح أن تكون البلديات
هي إحدى روافع التنمية المحلية المستدامة، وحاضنة للاستثمار والإنتاج والتشغيل،
بالشراكة مع القطاع الخاص.
والأمانة الإعلامية والإنسانية
والمهنية كمستشار في وزارة الإدارة المحلية تستلتزم مني في نهاية مقالتي أن أشكر
المجلس البلدي السابق برئاسة المهندس حسن الزغول، ولجنة بلدية عجلون الكبرى
السابقة برئاسة نائب محافظ عجلون الدكتور علي اللوزي، اللذين كان لهم دور أيضاً في
تهيئة الإمكانيات للاستفادة من مشروع الخدمات البلدية والتكيف الاجتماعي، فشكراً
لكم أيضاً المهندس حسن الزغول، والدكتور علي اللوزي، لأنه كان لكم بصمات أيضاً حتى
مشروع سوق عجلون الريفي والسياحي النور، والذي غدا اليوم أحد المهام الوطنية على
أكتاف عمدة عجلون حمزة الزغول والمجلس البلدي وموظفي البلدية، ليكون هذا المشروع
منجزاً وطنياً تفخر به كل بلديات المملكة مع بلدية عجلون الكبرى، وأنه يقام بعقولٍ
وسواعد أردنية.