منذ فترة طويلة من الزمن لم نسمع أن
هذه الحكومة او من سبقتها اعترفت بخطأ قد وقع هنا او هناك اثناء إدارتها للبلاد،
وان اغلب أهدافها وطموحاتها تحققت وأنجزت على اكمل وجه دون وقوع مشاكل او أخطاء،
لا بل على العكس كانت تعظم إنجازاتها وتعلنها بشكل تجميلي وهذا حق لها ولا شك فيه.
لكن المشكلة في تعظيم الإنجازات وغياب
الاعتراف بالأخطاء شكل فجوة كبيرة دعمت عدم الثقة بين المواطن والحكومات على مدار
سنوات طويلة، وهذا ما سبب المشكلة الحاصلة اليوم وهي التشكيك في أي انجاز او تصريح
حكومي يتم اطلاع المواطن عليه من قبل المسؤولين.
ولكي يكون هناك مثال قريب على ما أتحدث
عنه، سأطرح مثال المدينة الجديدة والتي تم الإعلان عنها قبل ما يقارب الخمسة أعوام
تقريبا، حيث اختفت المعلومات عنها بشكل مفاجئ بعد أسابيع قليلة من الإعلان عنها،
ومن ثم عادت للظهور مرة أخرى دون الحديث عن سبب التكتم على اختفائها طوال تلك
الفترة الماضية، وهو ما جعل الأردنيين في حيرة من أمرهم، عما سيكون مستقبلها واقع
ام خيال، على الرغم من قناعتي بجدية الدولة من وجود المدينة الجديدة على ارض
المملكة.
لعل عدم اعتراف أي حكومة سابقة بخطئها
وتعنتها برأيها وقراراتها جعلت من مسيرة التقدم والنجاح بطيئة وهو ما اضعف دورها
في قيادة الدفة، وسوغ فكرة ان الحكومات الموجودة اليوم هي فقط لتسير الاعمال لا
حكومات نهضوية وإنجاز كما هو المبتغى، علاوة على ان بعض المسؤولين الذين يخرجون من
مناصبهم اصبحوا يتسابقون للكشف عن تلك الأخطاء التي تم ارتكابها والإفصاح عنها
ليلقي عن كاهله الأخطاء التي ارتكبت في ولايته وتحميلها للمنظومة بشكل عام وليس له
شخصيا، وهو للأسف ما يصدقه السواد الأعظم من المواطنين.
تلك المشكلة أصبحت تكبر بشكل أوسع
وتنتشر في كافة مؤسسات الدولة وهو ما يجب تسيط الضوء عليه لكونها أمر غير صحي
ويعيق عربة التحديث المأمولة والتي نطمح إليها.
وهنا من باب النصيحة أقول ان الأسباب
والحجج التي يمكنها ان تمنع الحكومات من الاعتراف بالأخطاء او الإفصاح عنها او عن
بعض المعلومات هي عديدة ولا استطيع حصرها، ولا اريد ان يكون الاعتراف بها او
الإفصاح عنها على حساب استقرارنا وامننا، وذلك لأن بعضها ربما يكون سياسيا او
أمنيا، لكن الكشف عن الاخطاء او المعلومات التي تجعل المواطن اقرب من صانعي القرار
في الحكومات يجعل العلاقة مبنية على الثقة كونها ديدن أي حكومة قوية تسعى للشفافية
النابعة من المسؤولية الحقيقية التي تحمي وترعى بها مواطنيها، وفي النهاية كما
يقال الاعتراف بالذنب او الخطأ فضيلة.