منذ عدة أيام تمت دعوتي لحضور جلسة
حوارية من قبل ملتقى النهضة العربي حول دور الإعلام في دعم الفنانين والمثقفين،
وتحدثنا عن جوانب كثيرة وعديدة تهم الفن والإبداع بشكلٍ عام، وهو ما تعودنا عليه
في أغلب اللقاءات والجلسات الحوارية التي تهتم في الجزء الفني والثقافي والابداعي،
ودوما لا يحظى هذا الملف بالاهتمام المرجو والمطلوب من قبل الحكومات.
فكان الحديث عن مشكلة دعم صندوق نقابة
الفنانين الذي ما يزال ينتظر دعم الحكومة كل عام ليس لتحسين المستوى المعيشي
للفنان، وإنما ليبقى الحال على ما هو عليه، إضافة الى قلة المبالغ المقدمة من قبل
وزارة الثقافة وشركات الإنتاج الخاصة لأي عمل فني يقدم، وغياب الفنان من المشاركة
في التمثيل الخارجي بسبب قلة الدعم المادي وغيرها من المشاكل الاقتصادية التي
تعيشها معظم القطاعات في الأردن.
في المقابل ناقشنا الحلول المقترحة
التي ستخرج الفنان من مأزقه الحالي من خلال عمل استراتيجية تخص دعم الفنان وإنشاء
صندوق لدعم الفن، وإنتاج مسلسلات تلفزيونية وإذاعية وبيعها للقنوات التلفزيونية
والإذاعات الخاصة، بالإضافة الى إشراك القطاع الخاص والحكومي في جميع القطاعات
بإنتاج الاعمال الفنية ووضع حصة سنوية لها لكي تعود عجله الابداع والفن الى سابق
عهدها، بدلا من توزيع تلك المبالغ على قضايا وشخوص في مواقع التواصل الاجتماعي ليس
لهم علاقة بالفن والابداع أوالتمثيل.
أما مجلس النواب فدوره كان حاضراً كونه
أحد أهم القنوات الرسمية التي يمكن أن توصل الرسالة وتقدم الدعم حقيقي، إلا انه
للأسف كان عاجزا وغير قادر على إخراج الفن من ظلمات الجب الذي وقع به، حيث اختصر
عمله على بحثٍ عام لأبرز المشاكل والمعيقات التي تواجه نقابة الفنانين، والسبل
الكفيلة لحلها من خلال لجنة التوجيه الوطني والإعلام والثقافة النيابية.
أما فيما يخص التكريم وتقدير الفنان
أوالمبدع لم نر ذلك إلا عندما يكون من قبل دول أخرى أوعند رحيله، وهو ما جعل أغلب
الفنانين والمبدعين يخرجون عن صمتهم عندما يرون أن التكريم لا يأتي إلا متأخراً
وخاصة عند الرحيل، كما حدث مع العديد من الفنانين والمبدعين أوبعد التحركات
الملكية الدورية التي تكون على شكل زيارة منزلية تفقدية للأحوال أو وسام رفيع
يعيدان الفنان والمثقف الى الحياة ويشعر من خلالهما بأهميته من جديد بعد سنوات
الإقصاء والتهميش التي كان يعيشها.
فالقصة هنا أعتقد انها وصلت الى
نهايتها، لأن كل ما قيل وذكرته سابقاً تم الحديث عنه منذ سنوات وما يزال يتكرر،
وربما بعضها قيد الدراسة ، إلا أن ما دعاني للكتابة عن حال الفن والابداع هو ما
شهدته في وجوه وأعين الفنانين من بؤس وحياة ضنكة أثقلت كاهلهم وملامح وجوه كشفت عن
نهاية مريرة ومأساوية للفن والابداع الأردني الذي عانى من قلة الدعم والتقدير
والتهميش والتراجع على مدار سنواتٍ طوال، ليبقى السؤال الأخير في نهاية الحلقة
الأخيرة من مسلسل حياة البؤس التي يعيشها الفن والابداع، إلى متى سيبقى الحال على
ما هو عليه، ونحن من كنا في يوم من الأيام بوصلة الإبداع والفن في العالم العربي.