مؤتمر التعدين الاردني الدولي العاشر ينطلق السبت المقبل الوحدات يفرط بصدارته الآسيوية توقيف موظف سابق في أمانة عمان احتال على مواطن مستثمرًا وظيفته الملك يلتقي في بروكسل أمين عام الناتو ووزراء خارجية الدول الأعضاء فيه نصراوين تعليقا على فصل الجراح : يجب تأييد قرار الفصل بقرار قضائي قطعي من المحكمة الإدارية مصدر رسمي : (حمزة الطوباسي) مرشح الشباب هو من يخلف الجراح إذا قرار الفصل اصبح قطعيا رئيس كوريا الجنوبية يعلن الأحكام العرفية.. والجيش يرفع حالة التأهب أسرة جامعة جرش تنعى عميد كلية تكنولوجيا المعلومات النائب الجراح: قرار فصلي من الحزب مفاجئ وسأطعن به أمام المحكمة الحزبية.. فيديو الصفدي يبحث مع وزير الخارجية التركي والمبعوث الأممي تطورات الأوضاع في سوريا والعدوان على غزة رئيس هيئة الأركان المشتركة يزور واجهتي المنطقتين العسكريتين الشمالية والشرقية وزيرة التنمية ترعى افتتاح أعمال الندوة الإقليمية حول حماية المرأة من العنف الإقتصادي نائب امين عام حزب العمال لـ"الحقيقة الدولية": "الاحتيال" احد أسباب فصل النائب الجراح مدير عام الغذاء والدواء يطلع خلال جولة ميدانية على مشروع بيض المائدة الذكي "خارجية الأعيان" تناقش تطورات الأوضاع في المنطقة

القسم : بوابة الحقيقة
بلطجية برخصة
نشر بتاريخ : 4/30/2022 9:22:50 AM
د. مهند العزة

كن ابنَ من شئتَ واكتَسِب أدباً = يُغنيكَ محمودهُ عن النسبِ. فليسَ يُغني الحسيبُ نسبتهُ = بلا لسانٍ لهُ ولا أدبِ. إنَّ الفتى من يقولُ ها أنا ذا = ليسَ الفتى من يقولُ كانَ أبي.

 حينما أنشد أسلافنا العرب هذه الأبيات، كان عماد مجتمعهم وتولي مواقع القيادة فيه من حظ سليلي القبائل والعائلات العريقة بتاريخها وعلمها وإسهاماتها في رفعة المجتمعات التي تنتمي إليها وتعزيز مكانتها بين نظيراتها،أي أن الأنساب التي ينهى الشاعر عن التفاخر بها؛ كانت مما يدعو حقاً للفخار لأنها سطرت بطولات وإنجازات تتحدث عنها، ومع ذلك، أدرك العرب بفطرتهم السوية وحكمتهم العلية أن ما يجعل المرء معتبراً بين الناس ومستحقاً لاحترامهم وتقديرهم؛ ليس أجداده ولا أقربائه بل حسن خلقه وعلمه وما يساهم به من عمل لخدمة مجتمعه وأمته.

 أما في زماننا، زمن الضعفاء المستقون بالبلطجية من أقاربهم، الإغنياء بإفلاسهم الخلقي، زمن يتجرأ فيه الحمقى على تسلق مواقع الحل والعقد واتخاذ القرارات، لا يسندهم في ذلك قطمير علم ولا نِذر يسير من تفكير، إلا محض انتماءات عصبية بائسة تُكيَّل بالعدد والعتاد لا بالنبل والشيم الحميدة وما حققته لنفسها ولغيرها من إنجاز مستحق، زمن بات فيه الحصول على شهادة الدكتورا أسهل من شراء كيلو قطايف بعد ظهيرة أول يوم من رمضان.. في هكذا زمن وبيئة موبوءة؛ لا غرابة أن ترى غربان الخواء تطفلت على مجالس وحلقات اتخاذ القرار التي ينبغي أن تضم خبيرات وخبراء وفقيهات وفقهاء وعالمات وعلماء.. فتغتصب أحد مقاعدها ثم تتجاوز ذلك  لتلفت إليها انتباهاً يتشتت حتماً عن أمثالها فتتطاول على ما لم يكنن لمثيلاتها  مطاولته لولا انقلاب الموازين واستبدال العارفين بالجاهلين ودمثي الخلق بالرداحين.

 في جلسة سريالية جمعت أشخاص أفاضل نبت بينهم متسلق مفلس فبهت على المشهد كأنه بقعة داكنة في ثوب أبيض ونغمة نشاز -في لحن متآلف- تؤذي الأذن وتقشعر من جعيرها الأبدان وتصتك من صريرها الأسنان، انبرى ذاك الذي لا محل له من إعراب مدفوعاً بغربة معرفية وفجوة ثقافية إلى ممارسة الحرفة الوحيدة التي يتقنها متسلقي المواقع على أكتاف عصبتهم ، فباشر في تقديم استعراض أكروباتي مقزز لعضلات حنجرته وسلاطة لسانه وهمجية أسلوبه.. مهاجماً بغلظة وعنف فطريان؛ دون مقدمات ولا سبب يُعقَل أو يُقبَل من يستشعر أمامهم ضحالة الفكر وفقر التحضر، ليتحول المشهد إلى فقرة في سرك يستعرض فيها بهلوان قدراته المحدودة على الاستطالة إلى ما لا سبيل له عليه، لتكون النتيجة وصلة من الردح والرقص والترنح والتأرجح ثم السقوط إلى حيث هو جدير به.

 الشاهد هنا ليس سوء الأدب والتشبيح، إذ تلكم خصال وخلال باتت بمثابة منفذ العبور للمتنفذين غير الشرعيين ببلطجتهم إلى مقام الخبراء والمبلاء بخلقهم وحصافتهم، وإنما بيت القصيد في هذه الحادثة هو مصدر الاستقواء الذي يجعل أمثال هذه الشخصيات الهشّة المهمشّة ذاتياً تتجرأ على المجاهرة ببلطجتها والمفاخرة بصعلكتها! والمدهش غير الصادن أنك حينما تسأل عمّن يكون أمثال هؤلاء؟ سيقال لك: «أبناء فلان.. وأولاد عمّ علّان.. وعمهم أو خالهم ترتان..» دون أن يخبرك أحد من يكون الرديح الشبيح نفسه وما هي حيثيته في العلم والمعرفة والخبرة.

 أي إصلاح يمكن الحديث عنه إذا كان كل ما يلزم البعض لشغل موقع يجد لنفسه المهزوزة فيه موضع؛ مجرد الحصول على شهادة من جامعة «هات إيدك والحقني وأبّجني اتجدني ودرهمونا تجدونا..»و«رخصة بلطجي-فئة أولى»  وهاتف يلوح به يحتفظ فيه بأرقام عصبته ليتصل بهم كي يستجير ويدعوهم للنفير.

 لم تكن مثل هذه العوارض من الأحداث ولا فتواتها لتستحق الوقت أو الجهد للكتابة عنها لولا خطورة دلالاتها، إذ هي تؤشر إلى حجم السد المنيع والبون الشاسع الذي يفصل بين سواد أعظم من مجتمعاتنا وبين التَمَديُن والتحضر المسلكي والمؤسسي، ولولا ذاك، لما استحق قطّاع  الطريق هؤلاء أكثر من قول الإمام الشافعي: «يخاطبني السفيهُ بكلِّ قبحٍ، فأكرهُ أن أكون له مجيبا = يزيدُ سفاهةً فأزيدُ حِلما، كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبا».

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023