بقلم: عصمت طاهات
عجيب امرنا في هذا الوطن وحالنا لا يسر
عدو ولا صديق بعد ان كثر فيه الفساد عند الطبقة الحاكمة، وقل فيه المال عند
المواطنين، وباتت القطاعات العامة العائدة للدولة مستباحة لكل من تسول له نفسه مد
اليد .
الكهرباء خصخصوها وباعوها ومع ذلك نعاني من كثرة
انقطاعها والماء اصبحنا نحلم بوجوده والى ما هنالك من املاك عامة، لكن يمكن أن
تنهض البلاد من كبوتها الاقتصادية؛ إذا ما أحسن استخدامها، وخضعت لإصلاح إداري بكل
معنى الكلمة، في حين نسمع صدى خزينة الدولة الخاوية؛ والمديونيات والهدر
والمحسوبيات.
إن الخصخصة تأخذ أسلوبين الأول:
هو بيع أصول مملوكة للدولة الى القطاع الخاص،
والثاني هوان تتوقف الدولة عن تقديم خدمات كانت تضطلع بها في السابق مباشرة،
وتعتمد على القطاع الخاص في تقديم تلك
الخدمات. اما بالنسبة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهما الإدارة الأميركية
للسيطرة على مقدرات الدول، وفي طليعتها الدول النامية.. فإن الخصخصة لهما تعني
الانتقال من القطاع العام الى القطاع الخاص بالمعنى الواسع للكلمة،
وهذا الانتقال لا يشمل بيع أصول الدولة
وموجوداتها فحسب؛ بل كذلك إضفاء الطابع الخاص على إدارة أوجه نشاط الدولة؛ عن طريق
العقود والإيجارات، والتخلص من أوجه نشاط كانت الدولة تقوم به".
ولهذا نذكر البعض بالمقولة القائلة:
إذا أردت السيطرة على شعب فألقي به في
مستنقع الفقر والخصاصة.
إن المجتمعات تعيش عادة في توازن طبقي
بين فئاتها، فتجد الغني والفقير والمثقف والجاهل والمستقيم والمجرم والمسؤول وغير
المسؤول والذكي والغبي والمفكر والماكر الخبيث...ولكل طريقه ودوره فيتوازن المجتمع
ويقوده الخيرون إلى الأمام ماسكين بلجام السيئين من مجتمعهم.
وقد يأتي على بلد زمن رديء، فتنخرم
موازينه وتختلط أوراقه ويفلت زمام الحكمة والقيادة من النخبة ويتولاها العابثون
المارقون وتبدأ رحلة النزول والتراجع والتخلف. فتتهاوى الدولة ومؤسساتها وتنهار
منظوماتها، فيتراجع الإقتصاد وتلوح بوادر الأزمة ويجتاح الخوف عموم الناس ويسودهم
الشك في بعضهم وتتقلص ثقتهم في كل شيء وينكمشون على أنفسهم ويصعب التعامل وتتعطل
الدواليب فيتأزم الإقتصاد وتشح المالية وتتضخم نسب الفقر وتتنوع أشكاله لتطال
الأغلبية. وينتشر الإحساس بالخصاصة
والحاجة ويصبح هاجسا للجميع، فتغيب القيم وتصبح المبادئ أضحوكة ويتهمش دور المثقف
والمربي وكبير المجموعة والمسؤول النزيه والكفاءة الراسخة والقيادي الوطني وتضيع
المراجع كالرجولة الشرف والأمانة والصدق والنزاهة.. فيميل الشريف إلى مد يده وتستباح
الرشاوي والعطايا وينزل المنضبط إلى الفوضى ويستكين الشريف والشريفة إلى الغلط ويستباح
كل شيء ويصبح لكل شيء ثمن.. حتى الممنوع ولوغلا ثمنه.
وتقوى عصابات السوء وعائلات المافيا
فيبسطون نفوذهم على كل شيء ويخترقون كل شيء.. حتى مؤسسات الدولة فتنتقل السلطة إلى
أيديهم وينشرون سلوكيات ومفاهيم جديدة.. كبيض الكف.. ومشي أمورك.. وارخي جنبك
تعوم.. وكول ووكل.. وأفرح بيا نفرح بيك.. ويغيب القانون ويستكين الجميع.. ولك
حينئذ الخيار ...
إما أن تسكت أو تغادر البلاد.
وللحديث بقية...