فازت مدينة السلط قبل أيام كواحدة من
المدن التي تحتفظ بالكثير من قيم التراث العالمي، وبهذا فهي في عهدة منظمات إحياء
التراث العالمي كمنظمة اليونسكو صاحبة التقييم من خلال لجنة التراث العالمي،
والمنظمات الأخرى ذات الصلة وبذلك تكون أول مدينة أردنية تدخل هذا التصنيف كمدينة
متكاملة، وكموقع التحقت بمواقع أخرى في هذا التصنيف كالبترا ووادي رم وقصر عمره
وأم الرصاص والمغطس على مستوى الأردن.
وقد فازت السلط بهذا الموقع لأسباب
تلتقطها العين المتبصرة بمدينة السلط وأهلها دون العودة للمؤشرات التي بُني عليها
التصنيف، فمدينة السلط تكتنز إرثا حضاريا وإنسانيا عظيما بين المدن الأردنية، بل
ومدن المنطقة إذ أنها تمتاز بـتعايش نوعي بين سكانها من شتى الأصول والمنابت في ظل
هوية واحدة مشتركة بوتقتها السلط، هذا وهناك تعايش متمازج بين أصحاب الديانتين
الإسلامية والمسيحية تمثل في وجود روابط مسيحية وكنائس وأخوه من مسلمين ومسيحيين،
وأماكن دينية مشتركة كمقام سيدنا الخضر -عليه السلام-، فهي المدينة التي لا تجد
فيها تمايزا يقوم على أساس ديني.
كما وتتفرد الطبيعة المعمارية للسلط
بلمسات تجمع ما بين القديم والحديث، إذ تحد السلط من معظم جهاتها أودية وتتخللها
الأودية الغناء، ويسكن أهلها في جبال عالية يهتم الناس فيها بالمحافظة على البيوت
القديمة والجميلة متقاربة بنهجها المعماري مع ما يقاربها من مدن الضفة الغربية
القريبة كالقدس ونابلس. عدا عن موقعها الجغرافي فهي مدينة تتوسط الضفتين وتطل على
فلسطين والبحر الميت، وتستقطب الأردنيين إلى شواهق جبالها للاستمتاع بتلك
الإطلالة، وقد كانت أول عاصمة أردنية بعد تأسيس الإمارة قبل أن تتحول العاصمة إلى
عمان، ولكنها بقيت في موقع قريب ومتوسط من العاصمتين الروحية «القدس» و»عمان».
ويميزها ما فيها من جمعيات ومؤسسات تعمل على تشكيل هوية حضارية للمدينة، فهناك
مؤسسة إعمار السلط، ولجنة تنظيم وسط المدينة، وجمعية حماية التراث، ومنتدى السلط
الثقافي، وفروع تابعة لرابطة الكتاب واتحاد الأدباء والكتاب، وهناك قاعات ثقافية
واجتماعية خاصة، وفروع لمعظم الأحزاب القائمة في الوطن، كما يتواجد فيها فرق
فولكلورية وثقافية وموسيقية تقوم على الإرث الحضاري للمنطقة.
وتعد بلدية السلط ومدرسة السلط
الثانوية بواكير على مستوى المملكة، فقد خرجت مدرسة السلط الثانوية الكثير من
القيادات السياسية والاجتماعية في الأردن، وبلدية السلط من أنشط البلديات على
مستوى المملكة، فقد شاركت بشكل رئيس في تقديم الملف الخاص في ترشيح مدينة السلط
لجائزة التراث العالمي.
وأهل السلط رجالًا ونساءً من أكثر
الناس التزاما بلباس التراث الشعبي والأكلات الشعبية ويمارسونها بشكل يومي، وهناك
مصانع فردية ومؤسسية لصناعة ألبسة وأطعمة تراثية تقدم للسائحين والزوار الذين
تجذبهم مواقع الآثار والاستجمام الكثيرة حول السلط التي تتمتع بطقسها البارد
العليل صيفا، وبإطلالاتها العذبة، وطبيعتها في رميمين وجلعد وزي ووادي شعيب
والعارضة. وايضا أبناء السلط النخبويين في كافة المجالات في مدينتهم، وكذلك في
العاصمة لقربها منها واعتبارها جزءًا من إقليم الوسط، ما ارتقى بمدينتهم وجعلها
قبلة للزوار والأنشطة، وقد استضافت المدينة عدة أنشطة محلية وعربية ودورات رياضية
وثقافية.
نبارك للسلط وأهلها، وللأردن ونتمنى أن
تحذو إربد والكرك وكل المدن الأردنية لتكون كما السلط جزءًا من التراث العالمي.