بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
لا اظن ان احدا يجهل او لا يعرف
الكيفية التي يجب ان تكون عليها القوانين والتشريعات الناظمة للعملية السياسية في
الاردن ، حتى تستقيم الامور ويتحقق الاصلاح الذي نريد ، بما في ذلك مطبخ القرار
الاردني نفسه . في تأكيد على ان تطبيق الاصلاح المنشود مرهون بتوفر ارادة سياسية
حقيقية . ولو طبقنا هذا الكلام على قانون الانتخاب وحده مثلا ، بوصفه مفتاح
الاصلاح ومحوره وجوهره ، فلربما اكتشفنا او لاحظنا غياب مثل هذه الارادة من خلال
طبيعة ونوعية القوانين الانتخابية التي اقرت وجرت على اساسها الانتخابات النيابية
منذ مجلس النواب الثاني عشر ١٩٩٣ . وهي القوانين التي كرست كل شيء ليس له علاقة
بالاصلاح ولا بتطوير الحياة النيابية وتفعيل دورها في المشهد السياسي والديمقراطي
الوطني ، عندما انحرفت بها عن مسار الاصلاح الصحيح ، وجعلتها رهينة الاداء الفردي
والمصلحي على حساب الاداء المؤسسي البرامجي الكفيل بانضاج هذا الاداء وتفعيله
وتطويره ، وبالتالي تقوية المؤسسة التشريعية ، وتعزيز حضورها في الساحة السياسية الاردنية
، كمكون من مكونات النظام السياسي الاردني ، وكقاعدة دستورية يقوم عليها نظام
الحكم النيابي الملكي الوراثي في الاردن . لذلك فقد يكون من المستغرب تشكيل العديد
من اللجان او ما هو على شاكلتها وبمسميات مختلفة باسم الاصلاح ، مع ان طريقه واضح
ولا يحتاج الى كل هذه المحاولات والاجتهادات . وبما ان التحدي الاكبر الذي يواجه
الدولة بمؤسساتها المختلفة يتمثل في زيادة هامش فقدان الثقة الشعبية بها ، فان
منطق الامور يحتم عليها اشراك المواطن وادماجه بالعملية السياسية وادارة الشأن
العام من خلال قنوات وادوات واضحة مثل الانتخابات ، وجعله يتحمل المسؤولية ، دون
تدخلات او عبث بميوله وتوجهاته الانتخابية ، خاصة انها عاجزة عن تحقيق طموحاته
وتطلعاته . فكلما زاد تفردها بادارةالمشهد ، كلما اتسعت دائرة عدم الثقة الشعبية
بها على وقع فشلها وعدم قدرتها على ادارته . اضافة الى امعانها في التمسك بعناصر
وشخصيات معينة في مواقع المسؤولية ، رغم انها لا تحظى بالقبول الشعبي وتحوم حولها
الشبهات ، لدرجة اقحام بعضها في منظومة الاصلاح نفسها . وعليه فلا بد من الاستئناس
برأي المواطن والاخذ به ، والتعاطي معه كمرجعية عند اختيار المسؤولين ، الذين
يفترض انهم يعملون على خدمته ومن اجل تحقيق مصالحه وتطلعاته ، وان من باب اولى ان
تكون له كلمة في اختيار من يمثله وينوب عنه ويعمل من اجله ، خاصة وان لديه قاعدة
معلومات عن معظم هؤلاء المسؤولين وقد خبرهم ويعرفهم ، ويستطيع ان يقيمهم ويحكم
عليهم وعلى ادائهم ومدى اهليتهم لادارة المواقع التي يشغلونها ، والتي لها انعكاسا
عليه كمواطن وفي مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية
والصحية والتعليمية وغيرها . وبالتالي يصبح من المستهجن ان لا يتم مراعاة ذلك
والاخذ برأيه واحترامه عند اختيار من يتولى شؤونه ومصالحه ، والضرب بها عرض الحائط
من منطلق العناد او المجاكرة ، وان الدولة بمؤسساتها المختلفة لا تعمل تحت تأثير
الضغوطات والمطالب الشعبية ولا تخضع لها . مع ان الاصل ان تنظر لها باعتبارها
مسألة إصلاحية وديمقراطية اساسها وهدفها المشاركة الشعبية في العملية السياسية
وصناعة القرار ومن منطلق ان الامة مصدر السلطات . وهذا يقودنا الى ضرورة اقتناع
مطبخ القرار باهمية الاصلاح ومخرجاته ، وبانه يمثل مصلحة وطنية كفيلة بتقوية
مؤسسات الدولة وبنظامها السياسي ، وان الاداة الانتخابية بوصفها احد اهم ادواته من
شأنها رفد المشهد الوطني بعناصر جديدة اساسها الكفاءة والجدارة وتوسيع هامش
الخيارات الكفيلة بادارة هذا المشهد بما يضمن تحقيق الصالح العام ، وسط حالة من الرضا الشعبي والثقة الشعبية بمؤسسات الدولة
المختلفة .