بات امرا طبيعيا ان تشهد الساحة
الاردنية تحديات وازمات متلاحقة ، حتى اذا ما خرجنا من احداها وجدنا انفسنا في
مواجهة اخرى . في اشارة الى تخبط مطبخ القرار الاردني وافتقاره الى الحلول الناجعة
والحكمة في ادارة الشأن العام بطريقة ادت الى فقدان ثقة المواطن بعملية الاصلاح
وبمؤسسات الدولة ، التي باتت مرتعا للاجندات والمصالح الخاصة والضيقة على حساب
المصالح العامة في ظل اصراره على تكريس المحسوبية والشللية في المشهد الوطني في
نظرة متحيزة للخاص على حساب العام ، مما اوقع البلاد في براثن الاخفاقات والاوضاع
الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية المتردية بصورة غير مسبوقة ، وبدا ان لا امل في انقاذ
الوضع ، طالما ان الامور تدار بهذه العقلية التي اشبعتنا شعارات ووعود بالاصلاح
الذي يكذبه الواقع على وقع النهج العقيم في تشكيل الحكومات وتولي المواقع الرسمية
والعامة ، لتنتقل العدوى الى تشكيل المجالس النيابية وفقا لقوانين انتخاب صورية ،
تتناقض وعملية الاصلاح المزعومة الى ان وجدنا الوطن يغرق في المديونية والبطالة
والفقر والعجز بارقام تنذر بالخطر ، وتؤشر الى ان الامور لا تبعث على الاطمئنان
ومرشحة للتأزيم في ظل توفر بيئة اقتصادية واجتماعية ومعيشية قابلة للانفجار . فيما مطبخ القرار يصر على التعاطي مع هذه الاوضاع
الصعبة بأسلوبه البالي ونهجه العقيم ، وهو يزج بشخصيات مجربة ومرفوضة شعبيا الى
الواجهة ، بشكل ولد الاحباط لدى المواطن الذي اخذ يشكك بوجود نوايا حقيقية نحو
الاصلاح ، وجعله يلجأ الى وسائل اتصال واعلام مختلفة تعبيرا عن رفضه ومعارضته
للتعاطي الرسمي معه . في اشارة الى وجود حالة من الاحتقان التي قد يستغلها البعض
في شحن الاجواء ، لمجرد ان مطبخ القرار (
راكب راسه ) ويتجاهل كل الانذارات التي
تعكس حالة من عدم الرضا الشعبي عن ادائه في ادارة عملية الاصلاح . مما يتطلب منه
النظر الى المشهد من زاوية المصلحة العامة عبر التفكير بضرورة اشراك المواطن في
ادارة الشؤون العامة من خلال توفير اليات تشريعية وقانونية تضمن له ذلك وحتى يشارك
في تحمل المسؤولية .
ولما كان المشهد الاردني عبارة عن ساحة
مفتوحة من الاحداث والقضايا والملفات المختلفة ، وان المواطن بصورة من تعاقب عليها
وتعامل معها وادارها من المسؤولين ، فلا غرابة اذن في ان يكون في وضع يسمح له في
تقييمهم والحكم على ادائهم من موقع المراقب والمتابع ، الامر الذي يتطلب من مطبخ
القرار ضرورة مراعاة ذلك والاستئناس برأيه وموقفه وتقييمه لهؤلاء المسؤولين خاصة
من فشل منهم في مهمته وحامت حوله الشبهات ، واخذ ذلك في اعتباره عند معاودة تعينهم
في مواقع المسؤولية من جديد ، لتلافي الوقوع في نفس الاخطاء والجرائم والشبهات ،
والا فانه شريك في وقوعها ، ولا بد من تنحيته وترك المهمة للمواطن من بوابة
المشاركة الشعبية في العملية الاصلاحية والسياسية وصناعة القرار ، بحيث يكون صاحب
الكلمة في تشكيل الحكومات والبرلمانات ، وضمان الارتقاء بادائها الى مستوى
التطلعات والطموحات على اساس العمل البرامجي المؤسسي ، وبشكل نضمن معه ايضا
استعادة الثقة الشعبية بعملية الاصلاح وبمؤسسات الدولة ، والا فاننا نمارس لعبة تدوير
الكراسي وتكرار نفس الوجوه المسؤولة عن تردي الاوضاع وتأزيم المشهد وتعقيده .