بكثير من السعادة والتفاؤل، تلقت
الغالبية العظمى من المراقبين، الأنباء عن فرصة حقيقية لإزاحة نتنياهو عن رئاسة
الحكومة الاسرائيلية، ونجاح يائير لبيد، زعيم ثاني اكبر الكتل بالكنيست، بتشكيل
“ائتلاف التغيير”، ليقود الحكومة القادمة في اسرائيل. حدث ذلك في الساعة الاخيرة
من المهلة القانونية الممنوحة للبيد لتشكيل الحكومة، بعد ان أقنع الزعيم اليميني
المتشدد نفتالي بينيت وزعيم القائمة العربية (الاسلامية) منصور عباس، بالانضمام
للائتلاف للإطاحة بنتنياهو. صورة تاريخية جمعت القادة الثلاث وهم يوقعون اتفاق
الائتلاف، وقد وضعوا كافة تبايناتهم السياسية جانبا وتصرفوا ببراغماتية سياسية.
الحدث تاريخي بكل المقاييس، رغم كل الهواجس والتوقعات المتشائمة المشروعة، فلأول
مرة تشارك احزاب عربية في هكذا ائتلاف، ما يعني الكثير سياسيا على صعيد التأثير
للمواطنين العرب في اسرائيل، وعلى صعيد قبولهم من قبل فئات سياسية مهمة من الشعب
الاسرائيلي واحزابه كشركاء مقررين وليسوا تابعين للأغلبية اليهودية، ولأول مرة منذ
12 عاما متواصلة بالحكم سيغادر نتنياهو المشهد، بعد ضرر كبير أحدثه سياسيا وقيميا،
وترك خلفه إرثا من الكراهية والعداء والتقسيم ليس فقط داخل اسرائيل بل وبين
اسرائيل وجيرانها.
اي بديل عن نتنياهو سيكون افضل منه،
فتجربتنا معه ومع متشددين اكثر منه – مثل شارون وشامير – تشير إلى ان التعامل مع
التشدد الاسرائيلي سيكون أيسر ويخضع لمنطق العقل والبراغماتية، وان المشكلة
الحقيقية كانت في التعامل مع الانتهازية والنزق والشوفينية التي شكل نتنياهو
عنوانا لها. انظروا كيف اطاح نتنياهو بعلاقات اسرائيل مع ثاني اهم دولة لاسرائيل
بعد اميركا وهي الأردن، وأوصل تلك العلاقات لأردى مستوياتها، ومارس صلفا سياسيا
مؤذيا لمصالح بلاده في سبيل مكاسب سياسية انانية انتخابية. رحيل نتنياهو خبر مفرح
للكافة ولنا بالأردن، لكنه لن يختفي حتى لو تشكلت حكومة ائتلاف التغيير، فهو عضو
في الكنيست وزعيم اكبر كتلة فيه، وسوف يستمر بخلق المشاكل والمعيقات، ووضع العصا
في دواليب التغيير الحكومي، ولن يوفر اي وسيلة لكي يفشل الائتلاف ويطيح به، ما
يرتب اعباء اضافية كبيرة على قادة الحكومة الجديدة لكي ينجحوا كبديل لعهد نتنياهو
البائد.
متشائمون يقولون ان الائتلاف ضعيف
سياسيا وغير متجانس ايديولوجيا، تجمعه فقط فكرة العداء لنتنياهو والرغبة الجامحة
بالإطاحة به، وانه سينهار امام اول محك او اختلاف ايديولوجي او سياسي. في هذا بعض
الصحة والمنطق، فالحكومات الائتلافية بطبعها ضعيفة لضرورات الابقاء على التوافقية،
لكن علينا ان نتذكر ان حكومات نتنياهو الائتلافية ذاتها كانت ضعيفة بدليل اجراء اربعة
انتخابات في غضون عامين، ولا بد ان نتذكر ايضا ان قادة الائتلاف الجدد يعون ضعف
تجانسهم الايديولوجي ما يعني انهم سيكونون ميالين للابتعاد عن كل ما من شأنه تفكيك
الائتلاف وانهياره. هدف انهاء حقبة نتنياهو يعلو ولا يعلى عليه في هذه المرحلة،
وهو الشيء الذي يوحد الائتلاف وقادته، ويعود بالخير على الكافة داخل اسرائيل
وخارجها. العالم والشرق الاوسط سيكون افضل حالا من دون نتنياهو.
عن الغد